قال الواقدي : وخرج أسامة لهلال ربيع الآخر (١) على فرس سبحة التي قتل أبوه عليها (٢) فمرّ سريعا على بلاد قضاعة ومنها جهينة وهم لم يرتدوا حتى نزل وادي القرى ، فقدّم حريث العذريّ عينا له ، فخرج حتى انتهى إلى أبنى ثم رجع حتى لقى أسامة قبل أبنى بمسيرة ليلتين فأخبره خبرهم وأنهم لا جموع لهم وهم غارّون (٣).
وانتهى إلى أبنى :
فلما انتهى إلى أبنى ينظر إليها منظر العين في العشرين من ربيع الآخر (٤) عبّأ أصحابه وقال لهم : اذكروا الله في أنفسكم واخفضوا أصواتكم ، وجرّدوا سيوفكم واجعلوها غارة ، فضعوا سيوفكم في من أشرف لكم ، واجتمعوا ولا تفترقوا ولا تمعنوا في الطلب.
ثم خرّب حرثهم وحرّق نخلهم ومنازلهم فصارت أعاصير من الدخان .. وما شعروا إلّا بالقوم قد شنوا الغارة عليهم ينادون بشعارهم : يا منصور أمت ، وأجالوا الخيل في عرصاتهم ، فمن أشرف لهم قتلوه ، ومن قدروا عليه سبوه أصابوا ما قرب منهم ولم يمعنوا في الطلب في قتل أحد منهم. وعرّفهم أسير بقاتل زيد بن حارثة فقتل أسامة قاتل أبيه. ثم أقاموا يومهم ذلك في تعبئة ما أصابوا من الغنم ، فأسهم أسامة للفرس سهمين ولصاحبه سهما ، وأخذ لنفسه مثل ذلك.
وعند المساء أمرهم بالرحيل ودليلهم حريث العذريّ أمامهم في ليلتهم.
__________________
(١) مغازى الواقدي ٣ : ١١٢٥ ، وانظر الطبري ٣ : ٢٤٠.
(٢) مغازي الواقدي ٣ : ١١٢٣.
(٣) مغازي الواقدي ٣ : ١١٢٢.
(٤) مغازي الواقدي ٣ : ١١٢٥.