ودنا من الحيرة ، فخرجت إليه خيول آزاد به صاحب خيل كسرى التي كانت في مخافر الحدود بينهم وبين العرب ، فتوجّه إليهم المثنّى فهزمهم.
فلما رأى ذلك أهل الحيرة خرجوا يستقبلون خالدا ، وفيهم هانئ بن قبيصة الطائي وعبد المسيح بن عمرو ، فقال لهم خالد : إني أدعوكم إلى الإسلام فإن قبلتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا ، وإن أبيتم فالجزية ، وإن أبيتم فالحرب. فقالوا : لا حاجة في حربك ، فصالحهم على أن يكونوا له عيونا.
ثم نزل على بانقيا فصالحهم (١).
وروى ابن الخيّاط عن الشّعبي أن خالدا افتتح نهر الملك وهزمزجرد (قلعة هرمز) وباروسما (قرب بابل) ووجّه المثنّى إلى سوق بغداد فأغار عليها (٢).
غزو الشام :
قال اليعقوبي : وأراد أبو بكر أن يغزو الروم ، فشاور جماعة من أصحاب رسول الله فقدّموا وأخّروا ، فاستشار عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فأشار أن يفعل وقال : إن فعلت ظفرت! فقال أبو بكر : بشّرت بخير!
فقام أبو بكر وخطب ودعاهم لغزو الروم ، فسكتوا. فقام عمر وقال : لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لانتدبتم. فقام عمرو بن سعيد بن العاص وقال له : يا ابن الخطّاب تضرب لنا أمثال المنافقين ، فما يمنعك أنت؟! فقام أخو عمرو : خالد بن سعيد وأسكت أخاه وقال : ما لنا إلّا الطاعة ، فجزّاه أبو بكر خيرا وعيّنه أميرا لذلك.
__________________
(١) الطبري ٣ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ، عن الكلبي عن أبي مخنف ، وقريب منه عن ابن إسحاق : ٣٤٣ ، وراجع فتوح البلدان للبلاذري : ١٣١ ـ ٢٩٨ ، وعبد الله بن سبأ ٢ : ٧٥ فما بعدها.
(٢) تاريخ خليفة : ٦٢.