فقال عبد الله : دونك غلامك (مكحول) فأعتقه كفّارة ليمينك!
فقالت عائشة : لا والله بل خفت سيف ابن أبي طالب ، ولئن خفتها فلقد خافها الرجال من قبلك!
فرجع إلى القتال! فقيل لأمير المؤمنين : إنه رجع! فقال : دعوه فإنه محمول عليه (١).
واستعدّ الإمام للإقدام :
نقل المفيد عن الواقدي قال : رجع علي عليهالسلام ... فدعا بدرعه البتراء (٢) ولم يلبسها بعد النبيّ إلّا يومئذ ، فأخذ شسع نعل ، فقال له ابن عباس : ما تريد بهذا الشسع يا أمير المؤمنين؟ قال : أربط بها ما قد وهى من هذا الدرع من خلفي. فقال ابن عباس : أفي مثل هذا اليوم تلبس مثل هذا؟ قال : ولم؟ قال : أخاف عليك! قال : لا تخف أن أوتى من ورائي ، والله ـ يا ابن عباس ـ ما ولّيت في زحف قط! والبس أنت يا ابن عباس. فلبس ابن عباس درعا سعدية (٣) ولبس هو درعه حتى إذا وقعت موقعها من بطنه أمر ابنه محمدا أن يحزّمها بعمامة ، ثم انتضى سيفه (ذا الفقار (٤)) فهزّه حتى رضى به ، فغمّده وتقلّده (٥) ثم توكّأ على قوس عربيّة ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبيّ فصلّى عليه.
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٣ : ١٨٢ وسيأتي باقي خبره. وعودته للحرب في أنساب الأشراف ٢ : ٢٥٨ ، وأمالي الطوسي : ١٣٧ ، الحديث ٢٢٣ عن الثقفي الكوفي.
(٢) مبتورة الوراء أي لا ظهر لها ، وفي شرح نهج البلاغة ٩ : ١١١ : هي درع النبيّ ذات الفضول.
(٣) الجمل للمفيد : ٣٥٥ ـ ٣٥٦.
(٤) شرح النهج للمعتزلي ٩ : ١١١ عن أبي مخنف.
(٥) الجمل للمفيد : ٣٥٩.