وإنك ـ يا طلحة ـ لشيخ المهاجرين!
وإن دفاعكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه بعد إقراركما به. وقد زعمتما أني قتلت عثمان! فبيني وبينكما من تخلّف عني وعنكما من أهل المدينة. وزعمتما أني آويت قتلة عثمان! فهؤلاء بنو عثمان (معكما) فليدخلوا في طاعتي ثم يخاصموا إليّ قتلة أبيهم. وما أنتما وعثمان إن كان قتل ظالما أو مظلوما؟! وقد بايعتماني وأنتما بين خصلتين قبيحتين : نكث بيعتكما وإخراجكما امّكما!
فأجاباه : إنك سرت مسيرا له ما بعده ، ولست راجعا وفي نفسك منه حاجة ، فامض لأمرك أما أنت فلست راضيا دون دخولنا في طاعتك ولسنا بداخلين فيها أبدا ؛ فاقض ما أنت قاض!
ثم خرج طلحة والزبير وعائشة وهي على جمل عليه هودج قد ضرب عليه بصفائح الحديد ، فبرزوا حتى خرجوا من أفنية دور البصرة ، وتواقفوا للقتال.
فلما رآهم علي عليهالسلام قد خرجوا ، أمر مناديا من أصحابه فنادى فيهم : ألا لا يرمين أحد سهما ولا حجرا حتى أعذر إلى القوم فأتّخذ عليهم الحجة البالغة (١)!
علي عليهالسلام يحتجّ على طلحة :
فذكروا : أن عليا عليهالسلام نادى طلحة بين الصفّين وقال له : يا أبا محمد ؛ ما جاء بك؟ قال : أطلب دم عثمان! قال علي عليهالسلام : قتل الله من قتله! قال طلحة : فخلّ بيننا وبينهم ، أما تعلم أن رسول الله قال : «إنما يحلّ دم المؤمن في أربع خصال : زان فيرجم ، أو محارب لله ، أو مرتد عن الإسلام ، أو مؤمن يقتل مؤمنا عمدا»
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٧٠ ـ ٧١.