كنانة بن بشر التجيبي السكوني ، في المسجد الحرام قبل مقتل عثمان بعام (١) فتذاكروا سيرة عثمان وتبديله وتركه الوفاء بما عاهد الله عليه وأعطى من نفسه ، وقالوا : لا يسعنا الرضا بهذا! فاجتمع رأيهم على أن يرجع كل منهم إلى مصره إلى من كان على مثل رأيهم من أهل بلده ، وأن يوافوا عثمان في العام المقبل فيسمعونه عتابهم ، فإن أعتبهم ، وإلّا رأوا رأيهم فيه (٢) ويظهر أن المثير لذلك ما مرّ عليه أهل الكوفة من ظلامة أبي ذر رحمهالله ، ثم ما مرّ من الخبر عن وثبة أهل المدينة وكلام الإمام وبيان عثمان.
إنما السواد بستان لقريش! :
روى البلاذري عن الكلبي عن أبي مخنف بسنده : أن سعيدا كان يسعد بمجالسة وجوه أهل الكوفة من قرّائها : مالك الأشتر النخعي ، وزيد وصعصعة ابني صوحان العبديّين ، وجندب بن زهير الأزدي ، وحرقوص بن زهير السعدي ، وشريح بن أوفى العبسي ، وعديّ بن حاتم الطائي ، وكعب بن عبدة النهدي الناسك ، وكدام بن حضري ، ومالك بن حبيب وقيس بن عطارد ، وزياد بن خصفة ، ويزيد بن قيس الأرحبي ، وحسّان بن محدوج الذهلي وغيرهم.
وذات يوم صلّوا مع سعيد العصر ثم دخلوا معه وجلسوا عنده وتذاكروا التفضيل بين أرض السواد والجبال ، ففضّل حسّان الذهلي السواد وقال : هو ينبت ما ينبت الجبل وفيه هذا النخل. وكان صاحب شرطة الكوفة عبد الرحمن بن خنيس الأسدي حاضرا فقال متزلفا للأمير : لوددت أنه للأمير! فقال له الأشتر : لا تتمنّى
__________________
(١) كذا ، والصحيح : بعامين ، لما يأتي من الأحداث التي تقتضي ذلك.
(٢) أنساب الأشراف ٥ : ٢٦ ، وانظر الغدير ٩ : ١٦٨.