وإشفاقا على الإسلام :
نقل المعتزلي عن ابن طيفور الخراساني البغدادي (م ٢٨٠ ه) في كتابه «تاريخ بغداد» بسنده عن ابن عباس قال : دخلت على عمر في أول خلافته ، وقد القى له صاع (٣ كغم) من تمر خصفة (حصيرة) فأكل حتى أكمل ودعاني فأكلت واحدة ، ثم شرب من جرّة عنده ثم استلقى قال لي : يا عبد الله كيف خلّفت ابن عمّك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر فقلت : لعب! فقال : إنما عنيت عظيمكم أهل البيت! فقلت : خلّفته يمتح بالغرب (يسقى دلو كبير) على النخل وهو يقرأ القرآن.
فقال : يا عبد الله ؛ عليك دماء البدن إن كتمتني هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟ قلت : نعم ، قال : أيزعم أن رسول الله نصّ عليه؟ قلت : نعم ، وأزيدك أني سألت أبي فقال : صدق! فقال عمر : لقد كان من رسول الله في أمره ذرو (ارتفاع) من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا! ولقد كان يرفع من أمره وقتا ما ، ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه فمنعت من ذلك! اشفاقا وحيطة على الإسلام! فعلم رسول الله أني علمت ما في نفسه فأمسك! وأبى الله إلّا إمضاء ما حتم! ولا وربّ هذه البيّنة (الكعبة) لا تجتمع قريش عليه أبدا! ولو وليها لانتقضت العرب عليه من أقطارها (١).
شئون عمر في الحج :
أول حجّ على عهد عمر سنة (١٣) أقام الحج عبد الرحمن بن عوف (٢) ومن سنة (١٤) إلى (٢٣) حجّ عمر ، وفي سنة (١٤) أمر ابن عوف أن يحجّ
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ١٢ : ١٢٠ ألم تنتقض العرب على أبي بكر؟!
(٢) تاريخ خليفة : ٦٧. واليعقوبي ٢ : ١٥٩.