فقال عديّ بن حاتم : لو ترك هذا الدين أسرتي الأدنى فالأدنى من قومي لجاهدتهم عليه ، أفأمتنع من جهاد بني أسد لحلفهم! لا لعمرو الله لا أفعل!
فقال خالد : إن جهاد الفريقين جميعا جهاد ، فلا تخالف رأي أصحابك ، امض بهم إلى القوم الذين هم لقتالهم أنشط! اصمدوا إلى أيّ القبيلتين أحببتم فو الله ما قيس بأوهن الشوكتين!
وكان بنو عامر قريبا منهم يتربصون على من تكون الدّبرة؟! وكذلك سائر القبائل من سليم وهوازن (١).
المعرّة والدّبرة :
وروى الطبري الوقعة عن ابن اسحاق قال : لما اقتتلوا بقي طليحة متلفّفا بكساء له بفناء بيته من شعر وقومه يقاتلون ، ومعهم بنو فزارة بزعيمهم عيينة بن حصن ، فلما ضرس القتال وهزّت الحرب عيينة كان يكرّ مرارا على طليحة فيقول له : هل جاءك جبرئيل بعد؟ فيقول : لا ، حتى قال في الثالثة : نعم ، قال لي : إن لك رحى كرحاه وحديثا لا تنساه ؛ فقال عيينة : أظن قد علم الله أنه سيكون حديث لا تنساه! ثم صاح بقومه بني فزارة : انصرفوا فو الله إنه لكذّاب! فانصرف بنو فزارة.
وكان طليحة قد أعدّ بعيرا لا مرأته النوار ولنفسه فرس عنده ، فلما انصرف بنو فزارة وانهزم بنو أسد غشوه يقولون له : ما ذا تأمرنا؟ فوثب على فرسه وحمل امرأته وقال لهم : من استطاع منكم أن يفعل مثل ما فعلت وينجو بأهله فليفعل! فانهزموا.
__________________
(١) الطبري ٣ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥.