من قريش وأخلاط من المهاجرين والأنصار ، فأفاضوا في ذكر يوم السقيفة وسعد ودعواه الأمر.
فقال عمرو بن العاص : والله لقد دفع الله عنّا عظيمة من الأنصار ، ولما دفع الله عنهم أعظم! كادوا والله أن يحلّوا حبل الإسلام كما قاتلوا عليه! ويخرجوا منه من أدخلوه فيه! والله لئن كانوا سمعوا قول رسول الله : الأئمة من قريش ، ثم ادّعوها لقد هلكوا وأهلكوا! وإن كانوا لم يسمعوها فما هم كالمهاجرين ، ولا سعد كأبي بكر ، ولا المدينة كمكة ، ولقد قاتلونا أمس فغلبونا على البدء ، ولو قاتلناهم اليوم لغلبناهم على العاقبة! وقال مقطوعة شعرية في ذلك.
وجواب الأنصار :
قال : فلما بلغ الأنصار مقالته وشعره بعثوا إليه شاعرهم الآخر النعمان بن عجلان ... فأتى عمرا وهو في جماعة من قريش فقال له : والله يا عمرو ؛ ما كرهتم من حربنا إلّا ما كرهنا من حربكم ، وما كان الله ليخرجكم من الإسلام بمن أدخلكم فيه. إن كان النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : الأئمة من قريش ، فقد قال : لو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار. والله ما أخرجناكم من الأمر إذ قلنا : منا أمير ومنكم أمير.
فأما المهاجرون والأنصار فلا فرق بينهم أبدا ، ولكنّك يا ابن العاص وترت بني عبد مناف بمسيرك إلى الحبشة لقتل جعفر وأصحابه! ووترت بني مخزوم بإهلاك عمارة بن الوليد! ثم انصرف.
__________________
ولعل هذا أيضا من تدبيره صلىاللهعليهوآله ليبعد مثل عمرو بن العاص عن المدينة حين وفاته وخلافته.