وكتبت كتابي هذا إليك من الربذة ، وأنا معجّل المسير إليك إن شاء الله.
وكتبه عبيد الله بن أبي رافع ، في سنة ست وثلاثين».
ومن أخبار الربذة :
وكان استنفار الزبير وطلحة الناس بعد الحجّ ، وتبعهم جمع منهم وتخلّف عنهم آخرون فالتقى هؤلاء بالامام عليهالسلام في الربذة ، وكان هو في خبائه فاجتمعوا ليسمعوا كلامه. فروى المفيد عن ابن عباس قال : أتيته ـ لأخبره بهم ـ فوجدته يصلح نعله فقلت له : نحن إلى أن تصلح أمرنا أحوج منا إلى ما تصنع ، فلم يكلّمني حتى فرغ من نعله ثم ضمّها إلى صاحبتها ثم قال لي : قوّمها. فقلت : لا قيمة لها ، قال : على ذلك ، فقلت : كسر درهم! قال : والله لهما أحبّ إليّ من إمرتكم هذه إلّا أن اقيم حقا أو أدفع باطلا.
فقلت له : إن آخر الحجّاج قد اجتمعوا ليسمعوا كلامك ، فتأذن لي أن أتكلم؟ فإن كان حسنا كان عنك ، وإن كان غير ذلك كان منّي! (وكأنه كان يحذر حدّته) فقال : لا ، أنا أتكلّم ، ثم وضع يده في صدري وقام وكان خشن الكفّ فآلمني ، فأخذت بثوبه وقلت له : أنشدك الله والرحم (ليقبل قولي) فقال : لا تنشدني. ثم خرج ، فاجتمعوا عليه ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (١) :
إن الله سبحانه بعث محمدا صلىاللهعليهوآله وليس أحد من العرب يقرأ كتابا (سماويا) ولا يدّعي نبوّة ، فساق الناس حتى بوّأهم محلّتهم وبلّغهم منجاتهم ، فاستقامت قناتهم واطمأنت صفاتهم ، وو الله إن كنت لفي ساقتها حتى تولّت بحذافيرها ، ما عجزت ولا جبنت.
__________________
(١) الإرشاد للمفيد ١ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.