لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك حقّك وشرفك وقرابتك من رسول الله ، وما آتاك الله من العلم والفقه والدين ، فيستخلفوك ، فإن وليت هذا الأمر فاتّق الله ـ يا عليّ ـ فيه ولا تحمل أحدا من بني هاشم على رقاب الناس!
ثم التفت إلى عثمان فقال : يا عثمان ؛ لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله وسنّتك وشرفك وسابقتك فيستخلفوك ، فإن وليت هذا الأمر فلا تحمل أحدا من بني أميّة على رقاب الناس!
ثم قال لهم : اخرجوا عنّي. فخرجوا من عنده ، وتوفى في يومه ذلك (١).
تنفيذ الوصية السياسية :
روى ابن قتيبة قال : اجتمع القوم بعد دفن عمر في بيت أحدهم! واحضروا معهم الحسن بن علي [عليهالسلام] وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ، يومين فلم يبرموا أمرا.
ثم نقل عن المسور بن مخرمة الزّهري ابن اخت عبد الرحمن بن عوف قال : جاءني خالي عبد الرحمن في عشية اليوم الثاني فوجدني نائما فخرجت إليه فقال لي : أراك نائما ، فو الله ما اكتحلت عيني بنوم منذ هذه الثلاثة ، ادع لي فلانا وفلانا (من المهاجرين) فدعوتهم له ، فاجتمع بهم في المسجد فناجاهم طويلا ، ثم قاموا من عنده فخرجوا.
ثم دعا عليا [عليهالسلام] فناجاه طويلا ، ثم قام من عنده.
ثم دعا عثمان ، فناجاه طويلا حتى آنت صلاة الصبح.
فلما صلّوا جمعهم ، وكان اليوم الثالث فقال لهم : أتدرون أيّ يوم هذا؟ هذا يوم عزم عليكم صاحبكم أن لا تتفرّقوا فيه حتى تستخلفوا أحدكم ؛ قالوا : أجل ،
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ٢٨ ـ ٢٩. وانظر معالم المدرستين ١ : ١٣٥ ـ ١٤٠.