فاستخلف على مصر السائب بن هشام العامري وخرج ، فأخرجه منها محمد بن أبي حذيفة وغلب على مصر (١) واستجابوا له ، ولما بلغ ابن سعد إلى أيلة بلغه أن المصريين قد رجعوا إلى عثمان وحصروه ، فرجع ابن سعد إلى مصر فمنعه ابن أبي حذيفة ، فخرج إلى الشام (٢).
ومن أخبار الحوار :
ما رواه الطوسي في «الأمالي» عن المفيد ـ وليس في أماليه ـ بسنده عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان العبدي : أن جمعا من المصريّين دخلوا على عثمان ـ ولعلّها بعد الرجعة ـ فقال لهم : قدّموا رجلا يكلّمني ، فقدّموه ، فكأنّه رآه شابا حدث السنّ فقال : هذا! قال : فقلت له : لو كان العلم بالسنّ لم يكن لي ولا لك سهم منه ، ولكنّه بالتعلم. فقال عثمان : هات. فقرأت : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)(٣) فقال عثمان : فينا نزلت هذه الآية! فقلت : فمر بالمعروف وانه عن المنكر! فقال عثمان : دع هذا وهات ما معك! فقرأت ما قبلها : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ)(٤) فقال عثمان : وهذه أيضا نزلت فينا! فقلت له : فأعطنا بما أخذت من الله.
فالتفت عثمان للجمع وقال : يا أيها الناس ، عليكم بالسمع والطاعة فإن يد الله على الجماعة (كذا) وإن الشيطان مع الفذّ (الفرد الشاذ) فلا تستمعوا إلى قول هذا فإنه لا يدري من الله ولا أين الله؟!
__________________
(١) الطبري ٤ : ٤٢١.
(٢) الطبري ٤ : ٣٧٨ عن الواقدي.
(٣) الحج : ٤١.
(٤) الحج : ٤٠ ، وكأنه أراد تطبيقها على أنفسهم ، فهي أوفق برجوعهم.