فسكت سعد طويلا ثم قال : لا والله ما أدري أصلحت بعدنا أم فسدنا بعدك (١)؟! ولا والله ما أدري أكست بعدنا أم حمقنا بعدك؟!
فقال له الوليد : لا تجزعنّ يا أبا إسحاق ، فإنه الملك يتغدّاه قوم ويتعشّاه آخرون! فقال سعد : أراكم ـ والله ـ ستجعلونه ملكا (٢).
منادمته الطائي النصراني :
وكان عثمان قبل هذا قد ولّى الوليد صدقات بني تغلب ثم عزله لشعر خليع بلغه عنه! ولخلاعته في شعره نادمه من نصاراهم رجل يدعى أبا زبيد الطائي نازلا فيهم ، فلما تولّى الوليد الكوفة استعمل لحمى الرعي فيما بين الحيرة إلى الجزيرة مرّى بن أوس الطائي أو ابنه الربيع ، وأجدبت الجزيرة ومنع مرّى الطائي أبا زبيد الطائي من الرعي فرحل إلى الوليد وشكاه إليه فعزله وولّاها أبا زبيد ، ودعاه إلى ندامته السابقة واستوهب له دار رجل قبطيّ بباب المسجد الجامع بالكوفة وأسكنه بها.
فكان أبو زبيد يخرج من داره فيشق المسجد إلى الوليد فيسمر عنده ويشرب معه ويخرج فيشق المسجد وهو سكران ، وكان يمدح الوليد بشعره (٣).
الوليد والساحر النصراني :
وكان يجلس في صحن المسجد ويؤتى بساحر من الكوفة يدعى بطروني ، ويجتمع عليه الناس ، فجعل يدخل من دبر الناقة (أو البقرة) ويخرج من فيها ،
__________________
(١) الأغاني ٤ : ١٧٥ ـ ١٧٦ ، وعنه في شرح النهج للمعتزلي ١٧ : ٢٢٨.
(٢) الأغاني ٤ : ١٧٦ ، وعنه في شرح النهج للمعتزلي ١٧ : ٢٢٩ ، وفي الصفحة ٢٤٥ منه نقل عن ابن البرّ في الاستيعاب عن الوليد مرفوعا قال : ما كانت نبوة إلّا كان بعدها ملك.
(٣) الأغاني ٤ : ١٨٠ ، وعنه في شرح النهج للمعتزلي ١٧ : ٢٣٦.