فنفاه إلى الطائف (١) وشفع له عثمان فلم يشفّعه فيه وكذلك أبو بكر وعمر ، فلما تولّى استقدمه فأكرمه ونعمّه ، كما مرّ خبره.
وسمع في أيامه الأولى من أبي سفيان وهو أعمى ما يخالف الإيمان بالإسلام والأديان ، فاستاء عثمان وأمر بإخراجه من الديوان ، كما مرّ خبره أيضا.
ومع ذلك رووا عن سعيد بن العاص : أن عثمان كان قد اصطنع لنفسه سريرا يسع لواحد آخر معه ، فكان يجلس معه أبو سفيان وهو أعمى ، وعمّه الحكم ، وأخاه لأمه الوليد بن عقبة ، فأقبل الوليد يوما فجلس ، ثم جاء عمّه الحكم ، فأومأ عثمان إلى أخيه الوليد فرحل عن مجلسه للحكم. فلما قام الحكم ليخرج قال الوليد لعثمان : والله يا أمير المؤمنين ، حين رأيتك آثرت عمّك على ابن امّك تلجلج في صدري بيتان من الشعر قلتهما ، قال : ما هما؟ قال :
رأيت لعمّ المرء زلفى قرابة |
|
دوين أخيه حادثا لم يكن قدما |
فأمّلت عمرا أن يشبّ وخالدا |
|
لكي يدعواني يوم نائبة : عمّا! |
ويعني خالدا وعمرا ابني عثمان ، فقال عثمان : إن الحكم شيخ قريش! ثم رقّ لأخيه فقال له : وقد ولّيتك الكوفة (٢)! وذلك عام (٢٦ ه).
فقدمها وعليها سعد بن أبي وقاص ، فاستأذن عليه ودخل وجلس ، ولم يعلم سعد أن الوليد الوالي الجديد وكان يكنّى أبا وهب ، فقال له سعد : ما أقدمك يا أبا وهب؟ أجئت بريدا؟ فقال الوليد : أنا أرزن من ذلك! ولكنّ القوم احتاجوا إلى عملهم فاستعملني أمير المؤمنين على الكوفة! ولقد امرت بمحاسبتك والنظر في أمر عمّالك!
__________________
(١) أمالي الطوسي : ١٧٥ ، الحديث ٢٩٥ عن عبد الله بن عمر.
(٢) الأغاني ٤ : ١٧٤ ، وعنه في شرح النهج للمعتزلي ١٧ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨.