وأنا كحرباء الصحراء في الهجير ترقب عين الشمس ، وكالسبع المفلت من الشرك يفرق من صوت نفسه ، منتظرا لما تصحّ به عزيمتك ويرد به أمرك ، فيكون العمل به والمحتذى عليه.
معاوية وسعيد بن العاص :
وكتب معاوية إلى سعيد بن العاص : أما بعد ، فإنّ كتاب مروان ورد عليّ من ساعة وقعت النازلة ... ومروان الرائد لا يكذب أهله ، فعلام الإفلات يا ابن العاص ولات حين مناص! ذلك أنكم ـ يا بني أميّة ـ عما قليل تسألون أدنى العيش من أبعد المسافة فينكركم من كان عارفا ويصدّ عنكم من كان لكم واصلا ، متفرّقين في الشعاب تتمنّون لمظة المعاش! إن أمير المؤمنين (عثمان) عتب عليه فيكم وقتل في سبيلكم ففيم القعود عن نصرته والطلب بدمه! وأنتم بنو أبيه وذوو رحمه وأقربوه وطلّاب ثاره ، أصبحتم متمسّكين بشظف معاش زهيد عمّا قليل ينزع منكم عند التخاذل وضعف القوى. فإذا قرأت كتابي هذا فدبّ دبيب البرء في الجسد النحيف ، وسر سير النجوم تحت الغمام ، واحشد حشد النمل في الصيف للشتاء ، فقد أيّدتكم بأسد (الزبير) وتيم (طلحة).
فكتب سعيد جوابه : أما بعد ، فإن الحزم في التثبّت ، والخطأ في العجلة ، والشؤم في البدار ، والسهم سهمك ما لم ينبض به الوتر ، والحالب لن يردّ اللبن في الضرع. ذكرت حق أمير المؤمنين (عثمان) علينا وقرابتنا منه وأنه قتل فينا ... وأمرتنا بطلب دم عثمان! فأيّ جهة تسلك فيها أبا عبد الرحمن؟! وقد ردمت الفجاج وأحكم الأمر عليك وولى زمامه غيرك!
فدع مناوأة من لو كان افترش فراشه صدر الأمر لم يعدل به غيره ... وهبني أخالك ـ بعد خوض الدماء ـ تنال الظفر فهل في ذلك عوض عن ركوب المآثم ونقص الدين؟!