أبو ذر إلى الشام وخطبته فيها :
قال اليعقوبي : فسيّره إلى الشام إلى معاوية ، فكان إذا صلّى صلاة الصبح في المسجد الجامع بدمشق جلس واجتمع إليه الناس فيقول لهم كما كان يقول في المدينة ، وكثر من يجتمع إليه ويسمع منه (١).
فروى المفيد عن الثقفي بسنده عن ابن صهبان الأزدي الشامي قال : كان أبو ذرّ يحمد الله ويشهد له شهادة الحق ويصلّي على النبي ، ثم يقول : أما بعد ، فإنا كنّا في جاهليتنا قبل أن يبعث فينا الرسول وينزّل علينا به الكتاب ، ونحن نوفي بالعهد ونصدق الحديث ونحسن الجوار ونقري الضيف ونواسي الفقير ونبغض المتكبّر ، فلما بعث الله فينا رسوله وأنزل علينا به كتابه كانت تلك الأخلاق يرضاها الله ورسوله ، فكان أهل الإسلام أحقّ بها وأولى أن يحفظوها.
ثم إنّ الولاة قد أحدثوا أعمالا قباحا ما نعرفها من سنّة تطفى وبدعة تحيا وقائل بحق مكذّب ، وأثرة بغير تقى ، ومن مستأثر عليه من الصالحين ، ثم يقول : اللهم إن كان ما عندك خيرا لي فاقبضني إليك غير مبدّل ولا مغيّر.
وكان يبدئ هذا الكلام ويعيده (٢).
وكان يقوم كل يوم فيعظ الناس ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله ويحذرهم من ارتكاب معاصيه ، ويروي عن رسول الله ما سمعه منه في فضائل أهل بيته ويحضّهم على التمسك بعترته (٣).
وبنى معاوية دارا واسعة بدمشق وسمّاها الخضراء ، فقال له أبو ذر : يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهو الإسراف.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧٢.
(٢) أمالي المفيد : ١٢١ ، م ١٤ ، الحديث ٥.
(٣) أمالي المفيد : ١٦٢ ، م ٢٠ ، الحديث ٤.