صاحبا رسول الله وأم المؤمنين فيشتدّ البلاء وتعظم الفتنة ، فأما إذا أتيا البصرة وقد سبقت إلى طاعتك وسبقوا إلى بيعتك وحكم عليها عاملك ، فلا والله ما معهما مثل ما معك ، ولا يقدمان على مثل ما تقدم عليه ، فسر فإن الله معك!
وتتابع بعده جمع من الأنصار على مثل قوله فقالوا وأحسنوا (١).
وخطبته لما بلغه خبرهما :
ولما بلغه مسير الزبير وطلحة وعائشة من مكة إلى البصرة ، حمد الله وأثنى عليه ثم قال : قد سارت عائشة وطلحة والزبير كل واحد منهما يدّعي الخلافة دون صاحبه ، فلا يدّعي طلحة الخلافة إلّا أنه ابن عمّ عائشة ، ولا يدّعيها الزبير إلّا أنه صهر أبيها ، والله لئن ظفرا بما يريدان ليضربنّ الزبير عنق طلحة ، وليضربنّ طلحة عنق الزبير ، ينازع هذا ذاك على الملك (٢)!
وقد ـ والله ـ علمت راكبة الجمل أنها لا تحلّ عقدة ولا تسير عقبة ولا تنزل منزلا إلّا إلى معصية ، حتى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة ، إي والله ليقتلنّ ثلثهم ، وليهربنّ ثلثهم ، وليؤوبنّ ثلثهم! وإنها التي تنبحها كلاب الحوأب!
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٦٢.
(٢) روى الطبري ٤ : ٤٥٤ : عن النميري البصري عن المدائني البصري عن معاذ بن عبيد الله قال : والله لو ظفرنا لا فتتّنا ، ما خلّى الزبير بين طلحة والأمر ، ولا خلّى طلحة ما بين الزبير والأمر. وعن ابن عباس قال : كان مروان يؤذّن لهم ، فلما فصلوا من مكة أذّن ثم وقف عليهما وقال لهما : أيكما أؤذّن له واسلّم عليه بالإمرة! فقال ابن الزبير : على أبي ، وقال محمد بن طلحة : بل على أبي ، فأرسلت عائشة : ليصلّي ابن اختي : عبد الله! وقالت لمروان : مالك أتريد أن تفرّق أمرنا!