وروى الطبري عن الكلبي عن أبي مخنف عن أبي بكر بن محمد الخزاعي قال : إنّ أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر ، فكان عمر يقول : لما رأيت أسلم أيقنت بالنصر (١).
أجل بايعه هؤلاء الناس هكذا طائعين ومكرهين وشغلوا بذلك عن أمر رسول الله حتى أمسوا ليلة الثلاثاء ، وفي «الموفقيات» : فلما كان آخر النهار (يوم الاثنين) افترقوا إلى منازلهم (٢) ولم يذكر من الصلاة شيء!
خطبة أبي ذر في المسجد :
روى فرات الكوفي في تفسيره بسنده عن أبي رجاء عمران بن ملحان العطاردي البصري (م ١١٧ ه) قال : لما بايع الناس لأبي بكر ، دخل أبو ذر المسجد فقام وقال : أيها الناس (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٣) وأهل بيت نبيكم هم من آل إبراهيم ، والصفوة من سلالة إسماعيل ، والعترة الهادية من محمد صلىاللهعليهوآله ، فبمحمّد شرّف شريفهم ، واستوجبوا حقهم ، ونالوا الفضيلة من ربّهم ، هم فينا كالسماء المبنيّة ، والأرض المدحيّة ، والجبال المنصوبة ، والكعبة المستورة ، والشمس الضاحية ، والنجوم الهادية ، والشجرة النبوية ، أضاء زيتها وبورك ما حولها.
__________________
(١) الطبري ٣ : ٢٢٢ ، ورواه المعتزلي عن الموفّقيات. وسيأتي عن الشافي ما يفيد أن كثيرا من أسلم دون هؤلاء أبوا أن يبايعوا حتى يبايع بريدة الأسلمي ، وهو لم يبايع حتى بايع علي عليهالسلام.
(٢) عن الموفقيات في شرح النهج للمعتزلي ٦ : ١٩.
(٣) آل عمران : ٣٣ ـ ٣٤.