فقد والله كرهوا محمدا صلىاللهعليهوآله ونابذوه وقاتلوه ، فردّ الله كيدهم في نحورهم ، وجعل دائرة السوء عليهم. والله لنجاهدنّ معك في كل موطن حفظا لرسول الله.
فرحّب به أمير المؤمنين وأجلسه إلى جنبه وأخذ يسائله عن الناس ، إلى أن سأله عن أبي موسى الأشعري فقال : والله ما أنا واثق به وما آمن عليك خلافه إن وجد مساعدا على ذلك.
فقال أمير المؤمنين : والله ما كان عندي مؤتمنا ولا ناصحا ؛ ولقد كان الذين تقدّموني استولوا على مودّته وولّوه وسلّطوه بالإمرة على الناس ، ولقد أردت عزله فسألني الأشتر فيه وأن أقرّه ، فأقررته على كره مني وأن أصرفه بعد.
وهنا جيء بطيّئ :
قال الباقر عليهالسلام : فهو عليهالسلام مع عبد الله (الطائي) في هذا ونحوه إذ تراءى سواد كثير من قبل جبال طيّئ ، فقال أمير المؤمنين : انظروا ما هذا السواد. فذهبت خيل تركض فلم تلبث أن رجعت وقالت : هذه طيّئ قد جاءتك تسوق معها الإبل والخيل والغنم ، فمنهم من جاءك بهداياه ومنهم من يريد النفوذ معك إلى عدوّك.
فقال أمير المؤمنين : جزى الله طيّئا خيرا ، (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً)(١) فلما انتهوا إليه سلّموا عليه.
وقام عديّ بن حاتم الطائي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد ، فإني كنت أسلمت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله وأدّيت الزكاة على عهده ، وبعده قاتلت أهل الردّة أردت بذلك ما عند الله ، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى.
وقد بلغنا أنّ رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك وخالفوا عليك ظالمين ، فأتيناك لننصرك بالحق ، فنحن بين يديك ، فمرنا بما أحببت.
__________________
(١) النساء : ٩٥.