سهل بن حنيف فأخبروه باجتماعهم مع القوم وما هم عليه من التعظيم لقتل عثمان وإظهار الشكوى (١) وقالوا له : يا أمير المؤمنين ، انظر في أمرك وعاتب قومك هذا الحيّ من قريش ، فإنهم قد نقضوا عهدك وأخلفوا وعدك ، وقد دعونا في السرّ إلى رفضك هداك الله لرشدك ، ذلك لأنهم كرهوا الاسوة (في العطاء بسائر الناس) لما آسيت بينهم وبين الأعاجم (الموالي) فأظهروا الطلب بدم عثمان فرقة للجماعة وتألّفا لأهل الضلالة ، فرأيك.
فاتّزر ببرد قطريّ وارتدى بطاق وعليه عمامة خزّ سوداء وتقلّد سيفا وركب بغلة رسول الله الشهباء حتى دخل المدينة والمسجد وصعد المنبر ، واجتمع أهل الفضل من الصحابة.
خطبته عليهالسلام في العطية بالسوية :
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال وهو متّكئ على قوس (٢) :
«أما بعد ـ أيها الناس ـ فإنا نحمد الله ربّنا وإلهنا ، ووليّنا ووليّ النعم علينا ، الذي أصبحت نعمه علينا ظاهرة وباطنة امتنانا منه ، بغير حول منّا ولا قوة ، ليبلونا أنشكر أم نكفر ، فمن شكر زاده ومن كفر عذّبه ، فأفضل الناس عند الله منزلة ، وأقربهم من الله وسيلة ، أطوعكم لأمره وأعملهم بطاعته ، وأتبعهم لسنة رسوله وأحياهم لكتابه ، ليس لأحد عندنا فضل إلّا بطاعة الله وطاعة الرسول.
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٧٢٧ ، الحديث ١٥٣٠ عن ابن عقدة عن أبي الصلت الهروي عن مالك بن أوس بن الحدثان.
(٢) أمالي الطوسي : ٧٢٧ ، الحديث ١٥٣٠ مسندا عن ابن عقدة عن أبي الصلت الهروي عن أوس بن الحدثان الأنصاري ، وقبله في المعيار والموازنة : ١٠٩ ـ ١١٠ مرسلا.