على ما استحفظكم الله من كتابه. ألا وإنه لا يضركم تواضع شيء من دنياكم بعد حفظكم وصية الله والتقوى. ولا ينفعكم شيء حافظتم عليه من أمر دنياكم بعد تضييع ما أمرتم به من التقوى ، فعليكم عباد الله بالتسليم لأمره والرضا بقضائه والصبر على بلائه.
فأما هذا الفيء فليس لأحد على أحد فيه أثرة ، فقد فرغ الله من قسمته ، فهو مال الله وأنتم عباد الله المسلمون ، وهذا كتاب الله به أقررنا وعليه شهدنا ، وله أسلمنا ، وعهد نبيّنا بين أظهرنا فسلّموا رحمكم الله ، ومن لم يرض بهذا فليتولّ كيف شاء! فإن العامل بطاعة الله والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه اولئك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون واولئك هم المفلحون. ونسأل الله ربنا وإلهنا أن يجعلنا وإياكم من أهل الطاعة ، وأن يجعل رغبتنا ورغبتكم فيما عنده. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم» (١).
محاجّتهما معه عليهالسلام :
ثم نزل عن المنبر فصلّى ركعتين وكان طلحة والزبير في ناحية المسجد ، فبعث بعمّار بن ياسر وعبد الرحمن بن حنبل (أو حسل) القرشي (الشاعر) عليهما ، فأتياهما فدعواهما فقاما حتى جلسا إليه عليهالسلام فقال لهما :
أنشدتكما الله هل جئتماني طائعين للبيعة ودعوتماني إليها وأنا كاره؟! قالا : اللهم نعم ، فقال : غير مجبرين ولا مقسورين ، فأسلمتما لي بيعتكما وأعطيتماني عهدكما؟ قالا : اللهم نعم ، فقال : الحمد لله رب العالمين ، ثم قال لهما : فما عدا مما بدا؟
__________________
(١) تحف العقول : ١٢٩ ـ ١٣٠ ، مرسلا ، ومسنده عن ابن عقدة عن أبي الصلت الهروي عن أوس بن الحدثان الأنصاري في أمالي الطوسي : ٧٢٧ ، الحديث ١٥٣٠ ، وقبله مرسلا في المعيار والموازنة : ١٠٩ ـ ١١٢.