ألا فانفروا مع الحسن ابن بنت نبيكم ، ولا يتخلّف رجل له قوة ، فو الله ما يدري رجل ما يضره مما ينفعه! ألا وإني لكم ناصح شفيق عليكم ، إن كنتم تعقلون أو تبصرون ، اصبحوا إن شاء الله غدا غادين مستعدّين ، وهذا وجهي إلى ما هنالك بالوفاء.
وخطب عمّار أيضا :
وعاد عمّار إلى المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله صلىاللهعليهوآله ثم قال :
أيها الناس ، إنا لما خشينا على هذا الدين أن تتهدّم جوانبه ويتعرّى أديمه ، نظرنا لأنفسنا ولديننا فاخترنا عليّا خليفة ورضينا به إماما ، فنعم الخليفة ونعم المؤدّب ، مؤدّب لا يؤدّب ، وفقيه لا يعلّم ، وصاحب بأس لا ينكر ، وذو سابقة في الإسلام ليست لأحد من الناس غيره. وقد خالفه قوم من أصحابه حاسدون له «باغون» عليه ، وقد توجّهوا إلى البصرة ، فاخرجوا إليهم رحمكم الله ، فإنكم لو شاهدتموهم وحاججتموهم تبيّن لكم أنّهم ظالمون.
وخطب حجر الكندي :
ثم قام حجر بن عدي الكندي فقال : أيها الناس ، هذا الحسن بن علي بن أبي طالب ، وهو من عرفتم : أحد أبويه النبيّ الأمي ، والآخر الإمام الرضي ، المأمون الوصي ، وهو أحد اللذين ليس لهما شبيه في الإسلام : «سيّدي شباب أهل الجنة» وسيدي سادات العرب ، أكملهم صلاحا وأفضلهم علما وعملا ، وهو رسول أبيه إليكم يدعوكم إلى الحق ويسألكم النصر. فالسعيد ـ والله ـ من ودّهم ونصرهم ، والشقيّ من تخلّف بنفسه عن مواساتهم ، فانفروا معه رحمكم الله خفافا وثقالا واحتسبوا في ذلك الأجر ، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين (١).
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٥٣ ـ ٢٥٦.