كان قد نزل الكوفة ، وكان قد مات ، فقال قائل : استأثر الله به! فتلا : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ)(١) وقال : إن الله لا يستأثر بأحد من خلقه.
فلما لحق ثقله (من المدينة) قالوا : يا أمير المؤمنين أتنزل القصر (دار الإمارة)؟
فقال : قصر الخبال! لا تنزلونيه. ثم نزل دار ابن اخته جعدة بن هبيرة المخزومي (٢).
وعاتب أشرافهم :
وعاد أبو بردة الأزديّ مع غريب بن شرحبيل الهمداني ، وحنظل بن الربيع التميمي وعبد الله بن المعتمّ العبسي وهما صحابيّان ، وقد تخلّفوا عن الجمل ، فدخلوا على علي عليهالسلام فقال لهم : ما بطّأكم عنّي وأنتم أشراف قومكم؟! والله لئن كان من ضعف النيّة وتقصير البصيرة فإنكم لبور (هالكون) ولئن كان من شك في فضلي ومظاهرة عليّ فإنكم لعدوّ! فمنهم من اعتلّ بمرض ومنهم من ذكر غيبة. وكان مخنف بن سليم الأزدي عنده فنظر الإمام إليه وقال : لكن مخنف بن سليم وقومه لم يتخلّفوا ولم يكن مثلهم كمثل من قال الله تعالى فيهم : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً* وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)(٣).
ودخل عليه سعيد بن قيس الهمداني فسلّم عليه ، فأجابه : وعليك وإن كنت من المتربّصين!
__________________
(١) البقرة : ٢٨.
(٢) وقعة صفين : ٣ ـ ٦.
(٣) وقعة صفين : ٧ ، ٨ والآيتان : ٧٢ ، ٧٣ من سورة النساء.