فلما قدم عليه جمع بينه وبين الشهود فشهد الثلاثة ، وأقبل زياد بن أبيه فقال عمر : أرى وجه رجل لا يخزي الله به رجلا من أصحاب محمد! ثم قال له : ما عندك يا سلح العقاب (ذرق الطير!) فقال زياد : رأيت أمرا قبيحا وأرجلا مختلفة ونفسا عاليا ولم أر مثل الميل في المكحلة! فتركه عمر وجلد الثلاثة! فقام أبو بكرة وقال : أشهد أن المغيرة زان! فأراد عمر أن يجلده ثانية!
فقال له عليّ عليهالسلام : إذن توفى صاحبك حجاره! (أي إنه عليهالسلام يرجمه) فتركه (١).
بداية كتابة التاريخ الهجري :
وفي سنة (١٦) ماتت مارية القبطية أمّ إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
وروى خليفة : أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر : إنه تأتينا كتب ما ندري ما تاريخها. فاستشار عمر الصحابة فقال بعضهم : من المبعث ، وقال بعضهم : من وفاته. فقال له علي [عليهالسلام] بل منذ خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله من أرض الشرك ، فهو يوم هاجر. فأجمع رأيهم أن يكتبوه من هجرته فأرادوا أن يبتدءوا من شهر رمضان ثم بدا لهم أن يجعلوه من المحرم (٣).
وقال المسعودي قال : شاور عمر الناس في كتابة التاريخ ، فكثر منهم القول وطال الخطب اقتباسا من تواريخ العجم وغيرهم! فأشار عليه عليّ بن أبي طالب [عليهالسلام] أن يؤرّخ بهجرة النبيّ وتركه أرض الشرك ، فعملوا به ، ولكنهم بدءوا من المحرّم أي قبل قدومه إلى المدينة بشهرين و(١٢) يوما ؛ لأنهم أحبّوا أن يبتدءوا من أول السنة (القمرية العربية).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٤٦ وتمامه : فكان عمر بعد ذلك إذا رأى المغيرة قال له : يا مغيرة! ما رأيتك إلّا خشيت أن يرجمني الله بالحجارة! وانظر الخبر في تاريخ ابن الوردي ٢ : ١٤٠.
(٢) تاريخ خليفة : ٧٤.
(٣) تاريخ خليفة : ١٤ و ١٥.