فاستقبل العباس القبلة ورفع يديه وقال : اللهم اسبق بي ما لا خير لي في إدراكه! فما مرّت جمعة حتى مات (١) لأربع عشرة من شهر رجب الحرام عام (٣٢ ه) (٢).
وأبو ذر في الربذة :
كان عثمان قد حرم أبا ذر عطاءه من بيت المال ، ومرّ في خبر الطوسي أنه رجع من الربذة يطالبه حقه من عثمان فلم يسعفه بطلبه ، وعرض بعضهم عليه إبلا وغنما كثيرا فأبى إلّا حقّه ، ثم ليس في الخبر شيء عمّا كان يعيش به أبو ذر في الربذة.
وجاء ذلك في خبر في «الكافي» عن الصادق عليهالسلام : أنه كانت له نويقات وشويهات يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم ، أو نزل به ضيف ، أو رأى بأهل الماء الذين معه خصاصة ، نحر لهم الجزور أو من الشياه على قدر ما يذهب عنهم بقرم (٣) اللحم فيقسمه بينهم ويأخذ هو كنصيب واحد منهم لا يتفضّل عليهم (٤).
وروى الصدوق في «معاني الأخبار» خبرا عن نعيم بن قعنب أنه كان من زوّاره في الرّبذة ، قال : أتيت الربذة فالتمست أبا ذر فقالت لي امرأة أو امرأته : ذهب يمتهن لأهله ، وإذا به قد أقبل وأمامه ناقتان في عنق كل واحدة قربة ماء ، فقمت إليه وسلمت عليه ، ودخل منزله ... ثم جاء بطبق فيه طير كالقطاة مطبوخ أو مشويّ فقدّمها لي وقال : كل وصلّ ركعتين ثم أكل معي (٥).
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٧١٠ ، م ٤٢ ، الحديث ١٥١٥. ولعله عن الموفّقيات ، كما عنه في شرح النهج للمعتزلي ٩ : ١٣ ، وفي أنساب الأشراف ٥ : ١٣.
(٢) الدرجات الرفيعة : ٩٩ ، وذكر السنة في التنبيه والإشراف : ٢٥٥ وله (٨٨) عاما.
(٣) القرم : شهوة اللحم.
(٤) فروع الكافي ٥ : ٦٨ ، وجاء في تحف العقول : ٢٥٨.
(٥) معاني الأخبار : ٣٠٥ مختصرا.