فأظهرت حفصة خجلا وانكسرت وقالت : إنهنّ إنما فعلن هذا بجهل! ثم فرّقتهنّ فانصرفن (١).
وبلغ النقل إلى الوالي سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي ، فأنشا شعرا :
عذرنا الرجال بحرب الرجال |
|
فما للنساء وما للسّباب؟ |
أما حسبنا ما اتينا به |
|
ـ لك الخير ـ من هتك ذاك الحجاب؟ |
ومخرجها اليوم من بيتها |
|
يعرّفها الذنب نبح الكلاب! |
إلى أن أتانا كتاب لها |
|
مشوم ، فيا قبح ذاك الكتاب (٢)! |
خطبة طلحة بعد الوقعة :
بعد وقعة الجمل الأصغر أو الأولى ، وبعد أن سرّح طلحة عثمان بن حنيف خوفا من حيف أخيه سهل بن حنيف في المدينة ، قام طلحة خطيبا فيمن حضره من أهل البصرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أيها الناس ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآله توفي وهو عنّا راض وكنّا مع أبي بكر حتى مات وهو عنا راض ، ثم كان عمر بن الخطاب فسمعناه وأطعناه حتى قبض وهو عنا راض ، فأمرنا بالتشاور في أمر الخلافة من بعده ، واختار ستة نفر رضيهم للأمر ، فاستقام أمرنا على رجل من الستة ولّيناه واجتمع رأينا عليه وهو عثمان ، وكان أهلا لذلك ، فبايعناه وسمعناه وأطعناه.
وأحدث ـ بعد ذلك ـ أحداثا لم تكن على عهد أبي بكر وعمر ، فكرهها الناس منه! ولم يكن لنا بدّ مما صنعناه!
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٧٦ ، ونقله المعتزلي في شرح نهج البلاغة ١٤ : ١٣ عن المدائني والواقدي وأبي مخنف عن الحسن البصري.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ١٤ : ١٤ عن كتاب الجمل لأبي مخنف.