فلما اجتمعوا تكلّمت لهم من سترها تنعى عثمان إليهم وتبكيه وتشهد أنه قتل مظلوما وتدعوهم إلى نصرته!
وجاءها عبد الله بن عامر الحضرمي وكان عامل عثمان على مكة فقال لها : قرّت عينك! قتل عثمان وبلغت ما أردت من أمره! فقالت : سبحان الله! أنا طلبت قتله! إنما كنت عاتبة عليه من شيء وأرضاني فيه ، وقتل عثمان من عثمان خير منه وأرضى عند الله وعند المسلمين (تعني عليا) والله ما زال قاتله مؤخّرا منذ بعث محمد! وبعد أن توفي يعدل الناس عنه إلى الخيرة من أصحاب النبيّ ولا يرونه أهلا للإمرة ولكنه رجل يحبّ الإمرة! والله لا تجتمع عليه ولا على أحد من ولده إلى يوم القيامة!
ثم التفتت إلى الناس ونادت : معاشر المسلمين! إن عثمان قتل مظلوما ، ولقد قتله من إصبع عثمان خير منه (١)!
وجاءها يعلى بن أميّة التميمي حليف بني نوفل وكان عامل عثمان على اليمن ، فقال لها : قد قتل خليفتك الذي كنت تحرّضين على قتله! فقالت : برئت إلى الله من قاتله! فقال لها : الآن! ثم قال لها : فأظهري البراءة من قاتله. فخرجت إلى المسجد وجعلت تتبرّأ ممّن قتل عثمان (٢).
موقف طلحة والزبير :
قال المفيد : كان قد بلغهما الخبر من مكة بإظهار عائشة فيها ما أظهرته من كراهة أمر أمير المؤمنين ، والبراءة ممن قتل عثمان والدعوة إلى الطلب بدمه ونصرته.
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(٢) الجمل للمفيد : ٢٦٣.