قال الراوي عبيد البكري : فسرت معها فجعلت تسألني في المسير واخبرها بما كان ، فقالت : ما كنت أظنّ أنّ الناس يعدلون عن طلحة مع بلائه يوم احد! فقلت : فإن كان بالبلاء فصاحبه الذي بويع (عليّ) أشدّ بلاء وعناء! فقالت : لم أسألك هذا! فإذا دخلت مكة وسألك الناس : ما ردّ أمّ المؤمنين فقل : القيام بدم عثمان والطلب بدمه (١)!
فقال لها ابن أمّ كلاب : ولم؟ فو الله إنّ أول من أمال حرفه لأنت ، ولقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلا فقد كفر نعثل!
فقالت : إنهم استتابوه ثم قتلوه ، وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأوّل!
فقال لها ابن أم كلاب :
فمنك البداء ومنك الغير |
|
ومنك الرياح ومنك المطر |
وأنت أمرت بقتل الإما |
|
م وقلت لنا : إنه قد كفر |
فهبنا أطعناك في قتله |
|
وقاتله عندنا من أمر |
ولم تسقط السقف من فوقنا |
|
ولم تنكسف شمسنا والقمر |
وقد بايع الناس ذا قوة |
|
يزيل الشبا ويقيم الصّعر |
ويلبس للحرب أثوابها |
|
وما من وفى مثل من قد غدر (٢) |
وأسرعت هي راجعة إلى مكة ، فبدأت بالكعبة فطافت به ثم دخلت حجر إسماعيل وضربت على نفسها سترا فيه ، ثم أمرت مناديا نادى باجتماع الناس إليها ،
__________________
(١) الجمل للمفيد : ١٦١ ـ ١٦٣.
(٢) الطبري ٤ : ٤٥٩ عن ابن نصر بن مزاحم التميمي عن سيف التميمي! وأغرب المسعودي في مروج الذهب ٢ : ٣٦٢ فنسب بيتين منها إلى عمّار بن ياسر قبل التحام القتال في الجمل بالبصرة.