وكتابه إلى أهل الكوفة :
وكتب إلى أهل الكوفة : «بسم الله الرحمنِ الرحيم ، من عليّ أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة ، سلام عليكم. فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلّا هو ، أما بعد ، فإن الله حكم عدل : (لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)(١).
وإني اخبركم عنّا وعن من سرنا إليه من جموع أهل البصرة ومن سار إليها من قريش وغيرهم مع طلحة والزبير ، بعد نكثهما صفقة أيمانهما :
نهضت من المدينة ـ حين انتهى إليّ خبرهم ، وما صنعوه بعاملي : عثمان بن حنيف ـ حتى قدمت ذا قار ، فبعثت إليكم ابني الحسن وعمّارا وقيس بن سعد ، فاستنفروكم لحقّ الله وحقّ رسوله وحقّنا ، فأجابني إخوانكم سراعا ، حتى قدموا عليّ.
فسرت بهم ، وبالمسارعين إلى طاعة الله ، حتى نزلت ظهر البصرة ، فأعذرت في الدعاء وأقمت الحجة وأقلت العثرة والزلّة من أهل «الردة» من قريش وغيرهم ، واستتبتهم عن نكثهم بيعتي وعهد الله لي عليهم ، فأبوا إلّا قتالي وقتال من معي والتمادي في الغيّ ، فناهضتهم بالجهاد (٢) ، فقتل الله من قتل منهم ناكثا وولى من ولّى إلى مصرهم ، وقتل طلحة والزبير على نكثهما وشقاقهما ، وكانت المرأة عليهم أشأم من ناقة الحجر (قوم ثمود) فخذلوا وأدبروا وتقطعت بهم الأسباب! فلما رأوا ما حلّ بهم سألوني العفو ، فقبلت منهم وغمدت السيف عنهم (٣).
__________________
(١) الرعد : ١١.
(٢) الجمل للمفيد : ٣٩٨.
(٣) الإرشاد للمفيد ١ : ٢٥٩.