أبو الأسود وبيت مال البصرة :
كأنّ أبا الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي (والدؤل اسم دابة كابن عرس) الكناني البصري ممن مرّ على أبي ذر الغفاري بالرّبذة ، وكان أبو الأسود كاتبا ومصطحبا سوادا وبياضا للكتابة ، واستكتب أبا ذر حديثا ، قال : فقال لي أبو ذر : دخلت صدر النهار على النبيّ صلىاللهعليهوآله بمسجده وإذا ليس معه إلّا علي عليهالسلام ، فقلت له : يا رسول الله أوصني بوصية ينفعني الله بها ، فقال : نعم وأكرم بك يا أبا ذر ، أنت منّا أهل البيت ، وإني موصيك بوصية فاحفظها ، فإنها جامعة لطرق الخير وسبله ، وإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان ، ثم قال : يا أبا ذر ... إلى آخر الوصية (١) فكأنّ أبا الأسود من هنا تعلم التشيّع لعلي عليهالسلام ، وكان موسرا ومحاسبا ، فاستأمنه ابن حنيف حاسبا لبيت مال البصرة ولم يكن من حملة السلاح ، ولما قاتل الزبير حرّاسه السيابجة وقتلهم لم يكن معهم أبو الأسود وكانت المفاتيح معه ، فبعث الشيخان إليه فأحضروه.
فروى المفيد عنه : أنهما لما دخلاه وتأمّلا ما فيه من الذهب والفضة قالا : هذه هي الغنائم التي وعدنا الله بها وأخبرنا أنه يعجّلها لنا (٢) ، وقرأ الزبير : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ)(٣) وقال : فنحن أحق بها من أهل البصرة (٤)
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٥٢٥ ـ ٥٤١ ، الحديث ١١٦٢ ، م ١٩ ، الحديث ١ ، وعنه الطبرسيّ الولد في مكارم الأخلاق : ٤٥٨ ف ٥ ، وتنبيه الخواطر : مجموعة ورّام الحلّي ٢ : ٥١ ـ ٦٦ مرسلا ، وشرحها المجلسيّ بالفارسية بعنوان : عين الحياة ، وعرّبها السيد هاشم الميلاني ونشرت في مجلدين.
(٢) الجمل للمفيد : ٢٨٥.
(٣) الفتح : ٢٠.
(٤) شرح النهج للمعتزلي ٩ : ٣٢٢ عن الجمل لأبي مخنف.