فقال الزبير : أما ما صنعت مع عثمان فقد هربت من ذنبي في ذلك إلى ربّي! ولن أترك الطلب بدمه! وأما بيعتي لعليّ ؛ فو الله ما بايعته إلّا مكرها! التفّ به السفهاء من أهل مصر والعراق وسلّوا سيوفهم وأخافوا الناس حتى بايعوه!
ولما بصرت بطلحة قالت له : يا أبا محمد! قتلت عثمان وبايعت عليا؟!
فقال لها : يا امّه! ما مثلي إلّا كما قال الأول :
ندمت ندامة الكسعيّ لمّا |
|
رأت عيناه ما صنعت يداه |
ثم نادى المنادي عنها : إن أم المؤمنين تريد أن تخرج تطلب بدم عثمان ، فمن كان يريد أن يخرج فليتهيّأ للخروج معها (١).
وتجهيز العسكر :
روى الواقدي في كتابه في حرب الجمل عن رجاله قال : إن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي كان عامل عثمان على صنعاء اليمن ، فلما بلغه حصر الناس لعثمان (حمل ما معه من المال) وأقبل لنصرته مسرعا على بغلة ، فلقيه صفوان بن أميّة على فرسه فلما دنا الفرس من البغلة نفرت البغلة فطرحت ابن أبي ربيعة فانكسرت فخذه ، وبلغه قتل عثمان فصار إلى مكة ، فوجد بها عائشة تدعو للخروج للطلب بدم عثمان ، فأمر أن يوضع له سرير في المسجد الحرام فيوضع عليه ففعلوا ، فنادى في الناس : من خرج للطلب بدم عثمان فعليّ جهازه!
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٣٠ ـ ٢٣١ ونحوه في : ٤٣٠ ، والكسعي رجل رمى صيدا ليلا فأصابه وهو يظنّ أنه أخطأه فكسر قوسه ، فلما أصبح ورأى الصيد ندم على كسره قوسه ، لسان العرب ٨ : ٣١١. ويلاحظ على الخبر أن الشعر للفرزدق كما في اللسان ، والفرزدق متأخر إلّا أن يكون الخبر بالأصل فيه المثل من دون الشعر.