كان محبّا لقومه فمال بعض الميل! فاستتبناه فتاب ثم قتل! فيحق للمسلمين أن يطلبوا بدمه! ولكنّي يا بنيّ لم اومر بالخروج!
فقال لها عبد الله : ايا امّه؟ فإذا كان هذا قولك في عليّ ورأيك في قاتلي عثمان ، فما الذي يقعدك عن المساعدة على جهاد عليّ بن أبي طالب ، وقد حضرك من المسلمين من فيه غنى وكفاية فيما تريدين؟
فقالت له : يا بنيّ ؛ افكّر فيما قلت ، وتعود أنت.
فعاد عبد الله إلى أبيه وطلحة بخبرها ، فقالا له : باكرها في الغد فذكّرها أمر المسلمين ، وأعلمها أننا قاصدان إليها لنجدّد بها عهدا ونحكم معها عقدا.
فباكرها عبد الله وأعاد عليها بعض ما أسلفه من القول (١) ، وعن ابن أعثم الكوفي هنا : أن أمّ سلمة أيضا كانت حاضرة ناظرة إذ جاء ابن الزبير يحث خالته عائشة على الخروج على علي عليهالسلام ، فكان ذلك بمرأى ومسمع منها إذ بلغ الكلام بينهم إلى حديث النبيّ في علي قال : «عليّ بعدي وليّ الناس» فانكر أن يكون أحد سمعه صلىاللهعليهوآله يقول ذلك في علي عليهالسلام ، فقالت له أمّ سلمة : إن لم تكن سمعت ذلك فهذه خالتك سلها : أن النبيّ قال لعليّ : «أنت خليفتي في حياتي وبعد مماتي» فبادرت عائشة وقالت : نعم سمعت ذلك من النبيّ! فقالت لها أمّ سلمة : فلا يغرّنك طلحة والزبير فإنّهما لا يغنيان عنك من الله شيئا (٢).
وجاء أبوه الزبير فسلّم عليها وقال : قد أجابت أمّنا ـ والحمد لله ـ إلى ما نريد!
فقالت له : يا أبا عبد الله ، شركت في دم عثمان ثم بايعت عليا؟ وأنت والله أحقّ بالأمر منه!
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٢٩ ، ٢٣٠.
(٢) كتاب الفتوح لابن الأعثم ٢ : ٤٥٤ ، ٤٥٥.