مقاتلة مسيلمة :
ثم سار خالد إلى اليمامة ، وراية المهاجرين مع عبد الله بن حفص (١) وراية الأنصار مع ثابت بن قيس بن شمّاس ، وسائر العرب على راياتهم ، فمضى حتى نزل على كثيب مشرف على اليمامة فضرب معسكره هناك.
فأخرج مسيلمة أهل اليمامة ، وقدم في مقدّمته الرجّال بن عنفوة الحنفي في أوائل الناس. وخالد بن الوليد جالس على سرير وعنده أشراف الناس ، والناس على مصافهم (٢).
ودنا الرجّال بحيال زيد بن الخطّاب ، فناداه زيد : يا رجّال ، الله الله! فو الله لقد تركت الدين وإن الذي أدعوك إليه لأشرف لك وأكثر لدنياك! فأبى ، فتقاتلا فقتله زيد ومعه أهل البصائر من بني حنيفة ، ثم تذامروا فحمل كل قوم في ناحيتهم ، فجال المسلمون وانهزموا إلى معسكرهم وتجاوزوه ، فقطع العدو أطناب البيوت وهتكوها ، وكان يوم غبار.
ثم تذامر زيد وقال : لا والله لا أتكلّم اليوم حتى نهزمهم أو ألقى الله فاكلّمه بحجّتي ، عضّوا على أضراسكم أيها الناس واضربوا في عدوّكم وامضوا قدما. ثم اقدم ففعلوا معه حتى أعادوهم إلى أبعد من مصافّهم ، وقتل زيد في هذه المعركة.
وتكلم ثابت بن قيس فقال : يا معشر المسلمين ، أنتم حزب الله وهم حزب الشيطان ، والعزة لله ولرسوله ولحزبه ، أروني كما أريكم. ثم حمل عليهم فدفعهم.
وقال أبو حذيفة : يا أهل القرآن زيّنوا القرآن بالفعال ، ثم حمل وقاتل حتى قتل.
__________________
(١) الطبري ٣ : ٢٩٢.
(٢) الطبري ٣ : ٢٨٩.