خطبته عليهالسلام عند الخروج :
نقل المعتزلي عن «كتاب الجمل» للكلبي قال : لما أراد علي عليهالسلام المسير إلى البصرة خطب الناس ، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله ثم قال :
إن الله لما قبض نبيّه استأثرت علينا قريش بالأمر ، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافّة ، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم ، والناس حديثو عهد بالإسلام ، والدين يمخض مخض الوطب (الزقّ) يعكسه أقل خلق (أن يكون الزقّ خلقا قديما) ويفسده أدنى وهن.
فولي الأمر قوم لم يألوا في أمرهم اجتهادا [ولو نسبيّا] ثم انتقلوا إلى دار الجزاء ، والله وليّ التمحيص.
فما بال طلحة والزبير ـ وليسا من هذا الأمر بسبيل ـ لم يصبرا عليّ حولا ولا شهرا! حتى وثبا ومزّقا ، ونازعاني أمرا لم يجعل الله لهما إليه سبيلا ، بعد أن بايعاني طائعين غير مكرهين ، يرتضعان امّا قد فطمت ، ويحييان بدعة قد اميتت ، أدم عثمان زعما (يطالبان)؟! والله ما التبعة إلّا عندهم وفيهم ، وإنّ أعظم حجّتهم على أنفسهم ، وأنا راض بحجّة الله عليهم وعمله فيهم. فإن فاءا وأنابا فحظّهما أحرزا وأنفسهما غنما ، وأعظم بها غنيمة! وإن أبيا أعطيتهما حدّ السيف! وكفى به ناصرا لحق وشافيا من باطل (١).
قال المفيد : ونادى أمير المؤمنين في الناس : أن تجهّزوا للمسير ، فإن طلحة والزبير قد نكثا البيعة ونقضا العهد ، وأخرجا عائشة من بيتها يريدان البصرة لإثارة الفتنة ، وسفك دماء أهل القبلة ، ثم رفع يديه إلى السماء للدعاء عليهم (٢).
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ١ : ٣٠٨ ـ ٣٠٩ عن كتاب الجمل للكلبي.
(٢) الجمل للمفيد : ٢٤٠.