وروى المفيد عن الشعبي قال : فقالت لأبي الأسود : وأنت أيضا أيها الدؤلي يبلغني عنك ما يبلغني! قم فانصرف عني!
فخرجا من عندها إلى طلحة فقالا له : يا أبا محمد ، ألم يجتمع الناس إلى بيعة ابن عمّ رسول الله الذي فضّله الله بكذا وكذا ، وجعلا يعدّان مناقبه وفضائله وحقوقه. فوقع طلحة في علي عليهالسلام ونال منه وسبّه!
فخرجا من عنده ثم دخلا على الزبير فكلّماه بمثل ذلك ، فوقع هو أيضا في عليّ وسبّه وقال لمن حضره : صبّحوهم قبل أن يمسوكم!
فخرجا من عنده حتى صارا إلى ابن حنيف فأخبراه الخبر (١) وأنشأ أبو الأسود :
يا ابن حنيف قد اتيت فانفر |
|
وطاعن القوم وجالد واصبر |
فقال ابن حنيف : إي والحرمين لأفعلن! ثم أمر مناديه فنادى في الناس : السلاح السلاح! فاجتمعوا إليه (٢) فخطبهم فقال لهم :
خطبة ابن حنيف :
«أيها الناس! إنّ من بايع منكم عليا فقد بايع الله ، و (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(٣).
والله لو علم عليّ أن أحدا أحقّ بهذا الأمر منه ما قبله ، ولو بايع الناس غيره لبايع من بايعوا وأطاع من ولّوا ، وما به إلى أحد من صحابة رسول الله حاجة ، وما بأحد منهم عنه غنى! ولقد شاركهم في محاسنهم وما شاركوه في محاسنه!
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٧٥ عن الشعبي.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ٩ : ٣١٣ ـ ٣١٤.
(٣) الفتح : ١٠.