فقال طلحة : يا هذان ، إن صاحبكم (عليا) لا يرى أنّ معه غيره في هذا الأمر ، وليس على هذا بايعناه ، وأيم الله ليسفكنّ دمه!
فالتفت أبو الأسود إلى عمران وقال له : يا عمران ، أما هذا فقد صرّح أنه إنما غضب للملك!
ثم أتيا الزبير فقالا له : يا أبا عبد الله ، إنا أتينا طلحة ... فقال الزبير : إن طلحة وإياي كروح في جسدين! وإنه ـ والله ـ يا هذان قد كانت منّا في عثمان فلتات احتجنا فيها إلى المعاذير! ولو استقبلنا من أمرنا ما استدبرناه نصرناه!
ثم دخلا على عائشة فقالا لها : يا أمّ المؤمنين ، ما هذا المسير؟
قالت : غضبنا لكم من السوط والعصا ولا نغضب لعثمان من القتل؟
فقال أبو الأسود : وما أنت من عصانا وسيفنا وسوطنا؟ فقالت : يا أبا الأسود ، بلغني أن عثمان بن حنيف يريد قتالي! فقال أبو الأسود : نعم ـ والله ـ قتالا أهونه تندر منه الرءوس (١).
فقال لها عمران : يا عائشة ، قد كان لك في إخوتك عبرة ، وفي أمثالك من امّهات المؤمنين اسوة ، أما سمعت الله عزوجل يقول لكنّ : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ)(٢) فلو اتّبعت أمر الله كان خيرا لك!
فقالت له : يا عمران ، قد كان ما كان! فهل عندك عون لنا؟ وإلّا فاحبس عنّا لسانك!
فقال : اعتزلك واعتزل عليا! فقالت : رضيت منك بذلك (٣).
__________________
(١) الامامة والسياسة ١ : ٦٤ ـ ٦٥.
(٢) الأحزاب : ٣٣.
(٣) الجمل للمفيد : ٣١٠ ـ ٣١١.