وأن الأمر بيني وبينك أعظم من القول يا ابن الصّعبة! لأعلمتكما من أمركما ما يسوؤكما! اللهم إني قد أعذرت إلى هذين الرجلين! ثم حمل عليهم (١).
فاقتتلوا قتالا شديدا حتى زالت الشمس ، واصيب يومئذ من عبد القيس خاصة خمسمائة شيخ ، سوى من اصيب من سائر الناس ... وكثر فيه القتلى والجرحى من الفريقين.
ثم لمّا رأى بعض الناس ما رأوا من عظيم ما ابتلوا به ، دخل بينهم ناس فتداعوا إلى الصلح (٢) فتحاجزوا واصطلحوا على أن يكتب بينهم كتاب صلح ، فكتب :
نصّ المصالحة :
«هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الأنصاري ومن معه من المؤمنين من شيعة (٣) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وطلحة والزبير ومن معهما من المؤمنين والمسلمين من شيعتهما! أن لعثمان بن حنيف دار الإمارة والرّحبة والمسجد والمنبر وبيت المال ، وأن لطلحة والزّبير ومن معهما أن ينزلوا حيث شاءوا من البصرة ، ولا يضارّ بعضهم بعضا في طريق ولا فرضة ولا سوق ولا شرعة (ماء) ولا مرفق ، حتى يقدم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (٤) فإن أحبّوا دخلوا فيما دخلت فيه الامة ، وإن أحبّوا لحق كل قوم بهواهم ، وما أحبّوا من قتال أو سلم
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ٩ : ٣١٩ عن كتاب الجمل لأبي مخنف.
(٢) الجمل للمفيد : ٢٧٩.
(٣) هذه من أوائل إطلاق الشيعة ، تاريخيا.
(٤) سبق كتابه عليهالسلام إليه من الربذة بأنه متّجه إليهم قريبا ، فمن هنا يبدو أن ابن حنيف قد أعلن ذلك ولم يكتمه.