ثم قال لهم : عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه (١) فبلغ ذلك عثمان فبعث على بئر لابن عوف كان يستقى منه لنعمه فمنعه منها! فوصّى ابن عوف أن لا يصلّي عليه عثمان ، فصلّى عليه ابن عمّه سعد بن أبي وقاص الزهريّ أو الزبير (٢) وذلك عام (٣٢ ه) (٣) وله (٧٥) سنة وقسّم ميراثه على ستة عشر سهما فبلغ نصيب كل امرأة له ثمانين ألف درهم ، وكان رجلا طويلا فيه انحناء أبيض مشرّبا بحمرة ، أعين أقنى أعنق ضخم الكفّين غليظ الأصابع طويل الثنيّتين حتى كان يدمى شفتيه كثيرا. وكان به برص فرخّص له النبي صلىاللهعليهوآله لذلك في لبس الحرير (٤) أو لأنه كان قملا (٥).
وفاة ابن مسعود والمقداد :
قال اليعقوبي : واعتلّ ابن مسعود فأتاه عثمان يعوده ومعه عطاؤه الذي منعه من بيت المال ، فقال له : ما كلام بلغني عنك؟ قال : إنك أمرت بي فوطئ جوفي فلم أعقل صلاة الظهر ولا العصر! ومنعتني عطائي! فذكرت الذي فعلته بي.
قال : فإني أقيدك من نفسي ، فافعل بي مثل الذي فعل بك!
قال : ما كنت بالذي أفتح القصاص على الخلفاء! قال : فهذا عطاؤك فخذه!
__________________
(١) كما في بحار الأنوار ٣١ : ٣٠٠ عن ق ٢ من تقريب المعارف عن تاريخ الواقدي.
(٢) شرح النهج (للمعتزلي) ٣ : ٢٨ ، وأوصى أن يدفن سرّا كيلا يصلّي عليه عثمان ، كما في بحار الأنوار ٣١ : ٣٠٠ عن ق ٢ من تقريب المعارف عن الثقفي.
(٣) تاريخ خليفة : ٩٧ ، والتنبيه والإشراف : ٢٥٥ ، وله (٧٥) عاما.
(٤) المعارف (لابن قتيبة) : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، ونحوه في سنن أبي داود ٤ : ٥٠.
(٥) كما في كتاب من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٥٣.