فقال : والله يا ابن عباس ؛ إن عليا ابن عمك لأحق الناس بها ؛ ولكن قريشا لا تحتمله! ولئن وليهم ليأخذنّهم بمرّ الحقّ لا يجدون عنده رخصة! ولئن فعل لينكثنّ بيعته ثم ليتحاربنّ (١).
حكى ذلك اليعقوبي وغيره بغير تاريخ له ، والأنسب الأقرب أن يكون ذلك قرب الأواخر من أيامه في عام (٢٣). وفي هذه السنة أذن عمر لأزواج النبيّ صلىاللهعليهوآله مرة أخرى في الحج (٢). فكنّ في هوادج عليهن الطيلسان الأزرق الفاخر ، وجعل أمامهنّ عبد الرحمن بن عوف وخلفهنّ عثمان بن عفان ، وهو معهم (٣).
ويحذّر من مصير الأمر :
روى ابن اسحاق عن الزهري عن ابن عباس : أنه كان مع عمر في آخر حجته ، وكان يقرئ القرآن لعبد الرحمن بن عوف! فكان في خيمته بمنى ينتظره إذ رجع فوجده في رحله فقال له :
إن رجلا أتى أمير المؤمنين فقال له : قال فلان؟ والله لو قد مات عمر بن الخطاب لابايعنّ فلانا؟ والله ما كانت بيعة أبي بكر إلّا فلتة فتمّت! فغضب عمر فقال : سأقوم العشيّة في الناس فأحذّر هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم!
قال ابن عوف : فقلت له : يا أمير المؤمنين لا تفعل ؛ فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم ، وهم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس ، وإني أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطير بها أولئك عنك ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٢) هذا مع ما مرّ من منع النبيّ إياهن من الحجّ بعده!
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٥٧.