غص يا غوّاص! إن كنت لتقول فتحسن. فقلت : ذكرت هذا الأمر وإلى من تصيّره؟! قال : صدقت! فقلت له :
فأين أنت عن عبد الرحمن بن عوف؟ فقال : ذاك رجل ممسك ، وهذا الأمر لا يصلح إلّا لمعط في غير سرف ومانع من غير إقتار!
فقلت : فسعد بن أبي وقّاص؟ قال : مؤمن ضعيف!
فقلت : فطلحة بن عبيد الله؟
فقال : ذاك رجل يناول الشرف والمديح ، يعطى ماله حتى يصل إلى مال غيره ، وفيه بأو وكبر!
فقلت : فالزبير بن العوّام فهو فارس الإسلام؟
فقال : ذاك يوم شيطان ويوم إنسان وعفّة نفس ؛ إن كان ليكادح على المكيلة من بكرة إلى الظهر حتى تفوته الصلاة!
فقلت : فعثمان بن عفّان؟ فقال : إن ولي حمل بني أبي معيط وبني أمية على رقاب الناس وأعطاهم مال الله ، ولئن ولي ليفعلنّ والله ، ولئن فعل لتسيرنّ العرب إليه حتى تقتله في بيته.
وسكت فقال لي : امضها يا ابن عباس ، أترى صاحبكم لها موضعا؟!
فقلت : وأين يتبعّد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه؟ (ولم يذكر النص).
فقال : هو والله كما ذكرت ، ولو وليهم لحملهم على منهج الطريق فأخذ المحجّة الواضحة ، إلّا أنّ فيه خصالا : الدعابة في المجلس! واستبداد الرأي! والتبكيت للناس! مع حداثة السنّ!
فقلت : يا أمير المؤمنين ؛ هلّا استحدثتم سنّة يوم الخندق إذ خرج عمرو بن عبد ودّ وقد كعم عنه الأبطال وتأخّر عنه الأشياخ؟! ويوم بدر إذ كان يقطّ الأقران قطّا؟! ولا سبقتموه بالإسلام إذ كان حصيلته السغب وقريش تستوفيكم؟