يا أمير المؤمنين ؛ والله لئن كانوا تقدّموك في الولاية فما تقدّموك في الدين ، ولئن كانوا سبقوك أمس فقد لحقتهم اليوم ، ولقد كانوا وكنت لا يخفى موضعك ولا يجهل مكانك ، يحتاجون إليك فيما لا يعلمون ، وما احتجت إلى أحد مع علمك.
ثم قام ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت فقال : يا أمير المؤمنين ؛ ما أصبنا لأمرنا هذا غيرك ، ولا كان المنقلب إلّا إليك ، ولئن صدقنا أنفسنا فيك فلأنت أقدم الناس إيمانا ، وأعلم الناس بالله ، وأولى المؤمنين برسول الله ، لك ما لهم وليس لهم ما لك.
وقام صعصعة بن صوحان العبدي فقال : يا أمير المؤمنين ؛ والله لقد زيّنت الخلافة وما زانتك ، ورفعتها وما رفعتك ، ولهي إليك أحوج منك إليها.
ثم قام مالك بن الحارث الأشتر النخعي والتفت إلى الناس وقال لهم : أيها الناس ، هذا وصيّ الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء ، العظيم البلاء ، الحسن الغناء ، الذي شهد له كتاب الله بالإيمان ، ورسوله بجنّة الرضوان ، من كملت فيه الفضائل ، ولم يشك في سابقته وعلمه وفضله الأواخر ولا الأوائل.
ثم قام عقبة بن عمرو الأنصاري وأضاف يقول : من له يوم كيوم العقبة وبيعة كبيعة الرضوان ، والإمام الأهدى الذي لا يخاف جوره ، والعالم الذي لا يخاف جهله (١).
تخلّفوا عن البيعة أو القتال؟
ذكر المعتزلي الاسكافي في «المعيار والموازنة» : أنه عليهالسلام لما بلغه تخلّف ابن عمر عن بيعته ، وسعد بن أبي وقاص ، ومحمّد بن مسلمة جمع الناس فصعد المنبر وخطب فيهم ثم نزل وبعث عليهم فأتوه فعاتبهم وقال لهم : فلم تكرهون القتال متى
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧٩.