فواقع مرزبان (ضابط الثغر) المذار فقتله وانهزم جيشه وغرق أكثرهم في دجلة (١).
يوم البويب :
ثم وجّه سراياه للغارة بأرض السواد مما يلي الفرات ، فبلغ ذلك ملكة الفرس : آزرميدخت بنت كسرى ، فأمرت أن ينتدب من مقاتليهم اثنا عشر ألف فارس من أبطالهم ، فانتدبوا فولّت عليهم عظيم المرازبة (ضبّاط الحدود) : مهران بن مهرويه ، فسار بالجيش حتى وافى الحيرة (فيبدو أنها انتقضت من صلح خالد في عهد أبي بكر) في البويب (٢) وأرسل جرير إلى السرايا فتراجعوا واجتمعوا ، وتهيّأ الفريقان للقتال وزحف بعضهم إلى بعض ، وتطاعنوا بالرماح ، وتضاربوا بالسيوف. وتوسطهم المثنّى يجالدهم بسيفه ، وانهزم بعض العرب فأخذ المثنّى ينتف لحيته غضبا ، فحمل العرب وحمل عليهم الفرس من الزوال إلى غروب الشمس. وخرج مهران فحمل عليه المثنّى فضربه مهران فنبا سيفه وضربه المثنّى فقتله وانهزموا إلى المدائن (٣).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٤٣ والمذار قرب قلعة صالح بين العمارة والناصرية ، فليس على طريق الحيرة. وفي مروج الذهب ٢ : ٣١٠ : أنه توجّه نحو الأبلّة ثم المدائن وأن الوقعة كانت قربها.
(٢) على المشهور في التاريخ ، وسمّاه المسعودي : البجلة. مروج الذهب ٢ : ٣١١ والبويب بين الكوفة وبابل كما في الخريطة : ٦٢ من أطلس تاريخ الإسلام ، ولعل العرب سمّوها البويب ؛ لأنها كانت باب العرب إلى العراق. وفي الطبري ٣ : ٤٦١ : مما يلي موضع الكوفة اليوم.
(٣) تاريخ مختصر الدول لابن العبري : ١٠٠ ـ ١٠١.