قال : وروى الزهريّ : أنّ رسول الله لما قدم المدينة أمر بالتاريخ! وليس في هذا الخبر وقت (تاريخ) معلوم ولا نقل كيفية ذلك ؛ فهو خبر مجتنب من حيث الآحاد ومرسل ، وما حكيناه أولا هو المتفق عليه. ويتنازع الناس أن كان ذلك في سنة (١٧) أو (١٨) (١).
عمرة عمر الرجبية :
وفي سنة (١٧) في شهر رجب اعتمر عمر فأقام بمكة عشرين يوما منه (٢) وأراد توسيع المسجد الحرام فاشترى المنازل المجاورة فباعها قوم وامتنع آخرون منهم العباس بن عبد المطلب وكان معتمرا معه ، فأمر عمر بهدمها وضمن الثمن على بيت المال ، فقال له العباس : تهدم داري؟ قال : لأوسّع بها في المسجد الحرام!
فقال العباس : سمعت رسول الله يقول : إن الله أمر داود أن يبني له بيتا في إيليا (بيت المقدس) فكان كلما ارتفع البناء سقط ، فقال داود : يا ربّ إنك أمرتني أن أبني لك بيتا ، وإني كلما بنيت سقط البناء! فأوحى الله إليه : إني لا أقبل إلّا الطيّب وإنك بنيت لي في غصب! فنظر داود فإذا قطعة أرض لم يكن اشتراها ، فابتاعها من صاحبها بحكمه ثم بنى فتم البناء! فقال عمر : ومن يشهد أنه سمع هذا من رسول الله؟! فقام قوم فشهدوا ، فقال عمر للعباس : فتحكّم يا أبا الفضل وإلّا أمسكنا! قال : فإنّي تركتها لله.
ثم وسّع حجر إسماعيل ، وباعد مقام إبراهيم من البيت (٣).
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٢٥٢ ، وفي تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٤٥ : أن ذلك كان سنة (١٦ ه).
(٢) تاريخ ابن الوردي ١ : ١٤٠ ، واليعقوبي ٢ : ١٤٩.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٤٩.