ثم توادعت سجاح بني ضبّة فودت قتلاهم ففكوا الأسرى ومنهم وكيع ، فوادع هو ومالك بن نويرة بني ضبّة على أن ينصروهم خلافا لسجاح!
وخرجت هي عنهم في جنود الجزيرة تريد المدينة حتى بلغت النّباج ، فأغار عليهم أوس بن خزيمة في بعض بني عمرو فأسروا الهذيل وعقّة ، ثم تحاجزوا على ردّ أسراهم فينصرفوا عنهم ولا يجتازوا عليهم.
واجتمع رؤساء أهل الجزيرة بسجاح للمشورة فقالوا لها : قد عاهدنا هؤلاء القوم ، وقد صالح وكيع ومالك بن نويرة قومهما فلا يزيدون على أن نجوز في أرضهم ولا ينصروننا فما تأمريننا؟ فقالت : بني حنيفة في اليمامة!
فقالوا : إن شوكة أهل اليمامة شديدة ، وقد غلظ أمر مسيلمة!
فقالت : دفّوا دفيف الحمامة إلى اليمامة ، فإنها غزوة صرّامة ، ولا يلحقكم بعدها ملامة!
فاتّجهت إلى بني حنيفة في اليمامة ، ونزل جنودها على المياه حولها (١).
لقاء سجاح بمسيلمة :
وبلغ ذلك مسيلمة فهابها فأرسل إليها رسولا بهدية وهو يستأمنها ليأتيها ، فآمنته وأذنت له. فجاءها في أربعين من بني حنيفة ، وقال لها : لنا نصف الأرض وكان لقريش نصفها لو عدلت ، وقد ردّ الله عليك النصف الذي ردّت ، فحباك به وقد كان لها لو قبلت. فقالت : لا يردّ النصف إلّا من حنف ، أي مال. فقال مسيلمة : سمع الله لمن سمع ، وأطمعه بالخير إذ طمع ، ولا زال أمره في كل ما سرّ نفسه يجتمع (٢)!
__________________
(١) الطبري ٣ : ٢٦٧ ـ ٢٧١ ، عن سيف التميمي.
(٢) الطبري ٣ : ٢٧٢ ، عن سيف التميمي.