وكأنها أرادت أن تردّ عليه زيارته فقال لأصحابه : اضربوا لها قبّة وجمّروها لها. ففعلوا ، فلما دخلت القبة نزل إليها وسألها عما أوحى إليها فقالت : هل النساء يبتدئن؟! ولكن أنت قل ما أوحى إليك؟ قال : ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى؟! أخرج منها نسمة تسعى ، من بين صفاق (١) وحشى. قالت : وما ذا أيضا قال : إن الله خلق النساء أفراجا ، وجعل الرجال لهنّ أزاوجا .. فينتجن سخالا إنتاجا.
فقالت : أشهد أنك نبيّ! قال : فهل لك أن أتزوّجك فنأكل بقومي وقومك العرب؟! قالت : نعم. فقال : بذاك أوحي إليّ (٢) ثم واقعها ، فلما قام عنها قالت : اخطبني إلى قومي يزوّجوك فأسلم لك النبوة وأقود تميما معك. فخرج وخرجت معه فاجتمع الحيّان من حنيفة وتميم ، فقالت لهم سجاح : إنه قرأ عليّ ما أنزل عليه فوجدته حقا فاتّبعته. ثم خطبها ، فزوّجوه إياها وسألوه المهر فقال : قد وضعت عنكم صلاة العصر (٣).
وقال لها : من مؤذّنك؟ قالت : شبث بن ربعي الرياحي اليربوعي ، قال : عليّ به. فجاء فقال له : ناد في أصحابك : إنّ مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد ، صلاة العشاء الآخرة وصلاة الفجر (٤).
وصالحها على النصف من غلّات اليمامة ، ورجع فحمل إليها النصف ، فاحتملته وانصرفت به إلى الجزيرة ، وخلّفت الهذيل وعقّة وزيادا ليتنجّز لها النصف
__________________
(١) الصفاق : الغشاء الرقيق تحت الجلد.
(٢) الطبري ٣ : ٢٧٣ ، عن غير سيف.
(٣) الأغاني ١٨ : ١٦٥ ـ ١٦٦ ، طبعة ساسي ، و٢١ : ٢٦ طبعة بيروت.
(٤) الطبري ٣ : ٢٧٤ ، عن الكلبي ، كذا ، وقد قالوا : إنها تنبّأت بعد النصرانية ، فما علاقة قومها بصلوات محمد صلىاللهعليهوآله؟ بل ما علاقة أن يكون لها مؤذن يؤذّن لها. نعم يكشف ذلك عن وجود صلوات لها في تلك الأوقات بلا تفصيل في المصادر.