خطبتان اخريان لعمّار :
«الحمد لله حمدا كثير ، فإنّه أهله على نعمه التي لا نحصيها ولا نقدّر قدرها ولا نشكر شكرها ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى والنور الواضح والسلطان القاهر ، الأمين الناصح ، والحكيم الراجح ، رسول ربّ العالمين وقائد المؤمنين وخاتم النبيين ، جاء بالصدق وصدّق المرسلين وجاهد في الله حتى أتاه اليقين.
ثم إنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ حفظه الله ونصره نصرا عزيزا وأبرم له أمرا رشيدا ـ بعثني وابنه إليكم يأمر بالنفير إليه فانفروا إليه ، واتقوا الله وأطيعوه. والله لو علمت أنّ على وجه الأرض بشرا أعلم بكتاب الله وسنة نبيّه منه ما استنفرتكم إليه ولا بايعته على الموت!
يا معشر أهل الكوفة! الله الله في الجهاد ؛ فو الله لئن صارت الامور إلى غير عليّ لتصيرنّ إلى البلاء العظيم! والله يعلم أني قد نصحت لكم وأمرتكم بما أخذته بيقيني (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) واستغفر الله لي ولكم. ثم نزل.
فصبر هنيهة ثم عاد إلى المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : «أيها الناس ؛ هذا ابن عمّ نبيكم قد بعثني إليكم يستصرخكم ، ألا إن طلحة والزبير قد سارا نحو البصرة وأخرجا معهما عائشة للفتنة! ألا وإنّ الله ابتلاكم بحقّه وحقّ امكم ، وحقّ ربكم عليكم أولى وأعظم من حق امكم ، ولكن الله ابتلاكم لينظر كيف تعملون! فاتقوا الله واسمعوا وأطيعوا ، وانفروا إلى خليفتكم وصهر نبيّكم ،
__________________
ورجع قبله! عن سيف. ولم أعثر على خبر في بعث ابن عباس إلى الكوفة عن غير سيف ، فلعلّه جاء به تزلّفا إلى بني العباس المعاصرين له.