وهنا روى البيهقيّ عن مكحول قال : إن عبادة بن الصامت الأنصاري كان معهم وأراد أن يدخل إلى بيت المقدس ، فدعا نبطيا ليمسك له دابّته فأبى فضربه فشجّه ، فاستعدى عليه عمر فدعا عمر عبادة وقال له : ما دعاك إلى ما صنعت بهذا؟ فقال : أمرته أن يمسك دابّتي فأبى ، وأنا رجل فيّ حدّة فضربته! فقال له : اجلس للقصاص! وكان زيد بن ثابت عنده فقال له : أتقيد عبدك (!) من أخيك؟! فقضى عمر عليه بالدية وترك عنه القود (١).
وكان عمر قد أمر أن لا تقسم غنائم اليرموك حتى يفتحوا القدس ، فحينئذ أمر أن تقسم بين الناس الغزاة بالسويّة ، ما خلا لخم وجذام ، وقال : لا أجعل من خرج من الشّقة إلى عدوّه كمن خرج من بيته.
وكان بلال بن رباح مع أبي عبيدة بن الجرّاح فقام إلى عمر وقال له : يا أمير المؤمنين : إنّ أمراء أجناد الشام ما يأكلون إلّا لحوم الطير والخبز النقيّ! وما يجد ذلك عامة الناس.
فأخذ عمر على أمراء أجناد الشام أن يضمنوا له لكل رجل من المسلمين معهم لكل يوم خبزين وما يصلحه من الخلّ والزيت (٢).
الغساسنة وعمر :
ولما انهزم الروم من اليرموك : وكان جبلة بن الأيهم الغسّاني في جيش قومه في مقدمة الروم ، فلما انهزموا صار مع جماعة قومه إلى مواضعهم. فأرسل إليه
__________________
(١) السنن الكبرى للبيهقي ٨ : ٣٢ ، وعنه في هامش الإيضاح لابن شاذان : ٣٦٥ ، وانظر نظائره هناك قبله وبعده.
(٢) اليعقوبي ٢ : ١٤٧.