وأن مروان بن الحكم ابن عم عثمان ، ويعلى بن منية (وهي أمه) حليفه وعامله على اليمن ، وعبد الله بن عامر بن كريز ابن خاله وعامله على البصرة قد اجتمعوا معها وهم يدبّرون للفتنة ، وأن عمّال عثمان قد هربوا من الأمصار إلى مكة بما احتجزوه من أموال المسلمين لخوفهم من (محاسبة) أمير المؤمنين (١) فمع ما غلب في ظنّهما ووضح لهما من أمره ورأيه وتحقّقا أنهما لا يليان معه أمرا! امتحنا ذلك.
بأن صارا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، وخطب إليه طلحة ولاية العراق ، وطلب منه الزبير ولاية الشام! فأمسك عليهالسلام عن إجابتهما لشيء من ذلك ، فعرفا ما كان غلب في ظنهما من قبل من رأيه عليهالسلام ، فانصرفا وهما ساخطان منه.
وتركاه يومين أو ثلاثة أيام ، ثم صارا إليه واستأذنا عليه فأذن لهما وهو في غرفة عالية من داره ، فصعدا إليه وجلسا بين يديه وقالا له : يا أمير المؤمنين قد عرفت حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من الشدّة! وقد جئناك لتدفع إلينا شيئا نصلح به أحوالنا ، ونقضي به حقوقا علينا (٢).
فقال عليهالسلام : قد عرفتما مالي بينبع ، فإن شئتما كتبت لكما منه ما يتيسّر؟
قالا : لا حاجة لنا في مالك بينبع ، قال : فما أصنع؟
قالا : أعطنا من بيت المال شيئا لنا فيه كفاية (٣).
فقال عليهالسلام : سبحان الله! وأيّ يد لي في بيت المال؟! ذلك للمسلمين وأنا خازنهم وأمينهم ، فإن شئتما رقيت المنبر وسألتهم ذلك مما شئتما فإن أذنوا فيه فعلت ، وأنّى لي بذلك وهو لكافة المسلمين شاهدهم وغائبهم ، لكنّي أبلي لكما عذرا!
__________________
(١) الجمل للمفيد : ١٦٦.
(٢) وعليه فحالهما الماليّ لم يكن صالحا ، وإلّا لكانا صالحين مع عثمان ولم يكونا من الناقمين عليه ، وهذا جواب من يتساءل عن مصادرة علي عليهالسلام لأموالهما ، فلم يكن.
(٣) كناية عن عدم كفاية ما أعطاهما كسائر الناس من بيت المال قبل هذا.