فتكلم أبو الهيثم بن التيّهان فقال لهما : إنّ لكما لقدما في الإسلام وسابقة ، وقرابة من أمير المؤمنين ، وقد بلغنا عنكم سخط وطعن على أمير المؤمنين ، فإن يكن أمرا لكما خاصة فعاتبا إمامكما وابن عمّتكما (كذا) وإن كان نصيحة للمسلمين فلا تؤخّراه (تدّخراه) عنه ونحن عون لكما ، فقد علمتما أن بني أميّة (١) لن تنصحكما أبدا ، وقد عرفتما عداوتهم لكما وقد شركتما في دم عثمان ومالأتما عليه!
فتكلم طلحة وقال : إني قد عرفت أن في كل واحد منكم خطابا ، فافرغوا جميعا مما تقولون.
فتكلم عمّار فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ وآله ثم قال : أنتما صاحبا رسول الله ، وقد أعطيتما إمامكما الطاعة والمناصحة ، والعهد والميثاق على العمل بطاعة الله وطاعة رسوله ، وأن يجعل (أو : وإذ جعل) كتاب الله إماما ، ففيم السخط والغضب على عليّ بن أبي طالب؟!
فتكلم عبد الله بن الزبير وقال لعمّار : يا أبا اليقظان لقد تهذّرت (أي قلت هذرا أي هجرا وهذيانا)!
فقال له عمّار : ما لك تتعلق بمثل هذا يا أعبس! ثم أمر به أن يخرجوه!
فقام الزبير وقال لعمّار : يا أبا اليقظان عجلت على ابن أخيك رحمك الله!
فقال له عمّار : يا أبا عبد الله ... إنكم معشر المهاجرين لم يهلك من هلك منكم حتى استدخل في أمره المؤلّفة قلوبهم! فأنشدك الله أن تسمع قول من رأيت!
فقال الزبير : معاذ الله أن نسمع منهم.
كان هذا بغير محضر علي عليهالسلام ، فتشاوروا فيما بينهم أن يركبوا إليه إلى موضع القناة من أودية المدينة حيث منزله عليهالسلام فيخبروه بخبر القوم ، فركبوا إليه ومعهم
__________________
(١) فيعلم منه أن إثارة معاوية كان قد تبيّن لهم.