وذكّره يوما بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله لهم : إن أحدكم لفرعون هذه الامة! فقال معاوية : أما أنا فلا.
وقام يوما خطيبا فقال : أيها الناس ، إنما أنا خازن ، فمن أعطيته فالله يعطيه ، ومن حرمته فالله يحرمه! فقام إليه أبو ذر وقال له : يا معاوية ، والله لقد كذبت ، إنك لتعطى من حرمه الله ، وتمنع من أعطاه الله (١).
وجعل كلما يدخل المسجد أو يخرج منه يذكر في عثمان خصالا كلها قبيحة ، وذلك في سنة (٣٠ ه) (٢).
وكانوا منعوه عطاءه من بيت المال ، فبعث إليه معاوية بثلاثمائة دينار ، فسأل أبو ذر من حاملها إليه : أهو من عطائي الذي حرمتمونيه هذا العام؟ فلم يعلم ، فقال أبو ذر : فإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها (٣).
وأتى حبيب بن مسلمة الفهري إلى معاوية وقال له : إنّ أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله كيت وكيت (٤).
ونقل المعتزلي عن الجاحظ بسنده عن جلّام بن جندل (٥) قال : كنت عاملا لمعاوية على قنّسرين والعواصم ـ في خلافة عثمان ـ فجئت يوما أسأله عن حال عملي ، إذ سمعت صارخا على باب داره يقول :
__________________
(١) بحار الأنوار ٣١ : ٢٩٠ عن القسم الثاني من تقريب المعارف عن تاريخ الثقفي.
(٢) المصدر السابق ٣١ : ٢٩٣.
(٣) الشافي ٤ : ٢٩٤ ، وتلخيصه ٤ : ١١٦.
(٤) أمالي المفيد : ١٢٢ ، م ١٤ ، الحديث ٥.
(٥) كذا عن سفيانية الجاحظ ، وهو الصحيح ، وتصحّف اسم جندل إلى جندب وهو اسم أبي ذر فزعم الكشّي أنه ابنه فقال : عن جلّام بن أبي ذر ، وكانت له صحبة ١ : ٦٥ ، الحديث ١١٧ فهذا من أغلاطه.