«من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى قرظة بن كعب ومن قبله من المسلمين : سلام عليكم ، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلّا هو ، أما بعد ؛ فإنا لقينا القوم الناكثين لبيعتنا ، المفرّقين لجماعتنا ، الباغين علينا من امتنا ، فحاججناهم إلى الله فنصرنا الله عليهم ، وقتل طلحة والزبير ، وقد تقدّمت إليهما بالمعذرة ، واستشهدت عليهما صلحاء الامة ونكثهما بالبيعة ، فما أطاعا المرشدين ولا أجابا الناصحين ، ولاذ أهل البصرة بعائشة ، فقتل حولها عالم جلّ جمّ لا يحصى عددهم إلّا الله ، ثم ضرب الله وجه بقيّتهم فأدبروا. فما كانت ناقة الحجر (قوم ثمود) بأشأم منها على أهل ذلك المصر! مع ما جاءت به من الحوب الكبير في معصيتها لربّها ونبيّها ، واغترار من اغترّ بها ، وما صنعته من التفرقة بين المؤمنين ، وسفك دماء المسلمين ، بلا بيّنة ولا معذرة ولا حجّة لها.
فلما هزمهم الله أمرت : أن لا يقتل مدبر ، ولا يجهز على جريح ، ولا تكشف عورة ، ولا يهتك ستر ، ولا يدخل دار إلّا بإذن أهلها ، وآمنت الناس.
وقد استشهد منا رجال صالحون ، ضاعف الله لهم الحسنات ورفع درجاتهم ، وأثابهم ثواب الصابرين ، وجزاهم من أهل مصر عن أهل بيت نبيّهم أحسن ما يجزى العاملين بطاعته ، والشاكرين لنعمته ، فقد سمعتم وأطعتم ، ودعيتم فأجبتم ، فنعم الإخوان والأعوان على الحق أنتم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وكتب عبيد الله بن أبي رافع في رجب سنة ستة وثلاثين» (١).
رواه أبو مخنف عن ابن بشير الهمداني قال : ورد كتاب أمير المؤمنين مع عمر ابن سلمة الأرحبي إلى الكوفة ، فلما سمع به الناس كبّروا تكبيرة سمعها عامة الناس واجتمعوا لها بالمسجد ، ونودي الصلاة جمعا ، فلم يتخلّف أحد ، فقرئ عليهم الكتاب (٢).
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٤٠٣ ـ ٤٠٤.
(٢) الكافية في إبطال توبة الخاطئة ، وعنه في بحار الأنوار ٣٢ : ٢٥٢.